مقالات

د. هانى حسين يكتب لـ” الحدث 24″: خارطة العرب المستباحة

 

و ترجمت تلك الحالة الإخوانية الإيرانية التي أشرنا إليها فيما مضى إلى توصيف إيران لثورة يناير في مصر بالثورة الإسلامية، وما تلى ذلك من زيارة أحمدي نجاد إلى القاهرة مطلع فبراير 2013 في أعقاب زيارة الرئيس المصري الاسبق مرسي إلى طهران على هامش مؤتمردول عدم الانحياز، والذي عقد هنالك في العام السابق عليه و تحديدا  في أغسطس  2012…  كانت زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى القاهرة حينئذ حدثا ليس عاديا إذ كانت الزيارة الأولى لرئيس إيراني منذ ما يربو عن ثلاثين عاما من القطيعة، وما زالت إشارة النصر التي رفعها أحمدي نجاد في قلب الأزهر الشريف ماثلة في عيون المصريين.

ورغم تناقض الموقفين المصرى والإيرانى وقتئذ من المسألة السورية فبينما تعاضد إيران النظام السورى بقوة كان الرئيس المصرى الأسبق مرسى يستحث الجماهير الى الجهاد ضد نظام الأسد، فى مشهد لا يخلو من الرعونة والخفة السياسية، بيد أن النظامين المصرى والإيرانى بديا رغم ذلك كما لو كانا عاشقين إلتقيا بعد أن باعدت تقلبات الدهر بينهما وعلى أية حال سواء أكانت تلك الخطوة التقاربيه أنذاك أمر فرضتة البراجماتية السياسية على كليهما أو دعته المقاربة الأيدولوجيه فإن المشهد إجمالا قوبل برفض شعبى لأسباب عديدة.

وعلى نفس الموجة والتردد برز الثعلب التركى محدقا فى خارطة العرب وقد سال لعابه تدفعه رغبة دفينة فى استنساخ عصرى لدولة “آل عثمان” مستندا إلى جماعات الإسلام السياسى كى تكون حصان طروادة التى ستنفذ الإمبراطورية العثمانيه من خلاله إلى المشرق العربى.. وهنا ربما تجود الذاكرة علينا من كتاب التاريخ بذكرى صراع الدولتين العثمانية (تركيا قديما) والدوله الصفوية (إيران قديما)على مناطق النفوذ والسيطرة فى الشرق..ولكن هذه المرة تبدو التقسيمة مرتبة بلا صراع…..فخرج مستشار الرئيس الإيرانى لشئون الأقليات على يونسى الى الإعلام بتصريح يقول أن العراق ستصير عاصمة الإمبراطوريه الإيرانية الجديدة..

ولما كانت إيران تدعم الحوثيين باليمن وميليشيات الحشد الشعبى بالعراق والنظام السورى وحزب الله فى لبنان حتى أن نائب فيلق القدس الإيرانى إسماعيل قائانى صرح بأن إيران لم تزل مستمرة فى فتح العواصم العربية وأن ثمة أربعة عواصم منها باتت لاتحرك ساكنا من دون إرادة إيران، كان النظام التركى هو الأخر يدفع بداعش والنصرة فى شمالى سوريا والعراق حتى آلتا اليه ليتمتم أردوغان أعقاب هذا الاحتلال بلغة عربية متتركة قائلا ” نصر من الله وفتح قريب” وتمتد يد دعمه بعد ذلك الى جماعات أنصار بيت المقدس والأذرع العسكرية للإخوان بمصر وفى ليبيا ميليشيات فجر ليبيا وأخواتها وحزب النهضة الإخوانى بتونس.

وأظن أن أحدا عاقلا لم تكن لتنطلى عليه مزاعم النظامين الإيرانى والتركى بالعداوة المطلقة تجاه إسرائيل عبر أبواق الإعلام بالعلن سعيا وراء اكتساب مكانة جهادية زائفة بين صفوف العالم الإسلامى ومتاجرة رخيصة بالقضية بين صفوف الجماهير العربية فيما ترى على نحو مقزز يد الوصال تمتد خلف الستار إلى الدولة العبرية ونسى كلا النظامين أو تناسيا أن قطرة دم واحدة غير عربية لم ترق فى سبيل القضية الفلسطينية..فتركيا مثلا هى أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل عام 1949 وهى كذلك أكبر مستضيف للصناعات العسكرية الإسرائيلية بعد الولايات المتحدة اذ تضاعفت عقود التسليح فى السنوات الأخيرة بين تركيا وإسرائيل حتى وصلت إلى شراكة استراتيجيه تجاوزت 4.5 مليار دولار اشتملت تطوير دبابات( F6, M16)وطائرات بدون طيار فضلا عن كون إسرائيل واحدة من أكبر خمس دول لترويج البضائع التركية بحجم تبادل تجارى تجاوز 10 مليار دولار…..أمور تجعلنا نستحضر قصيدة شوقى الشهيره “الثعلب والديك” وفيها يتلبس الثعلب البسة التقوى متملقا الديك للإيقاع بهوالتى مطلعها….

برز الثعلب يوما   فى ثياب الواعظينا

فمشى فى الأرض يهدى   ويسب الماكرينا

ويقول الحمد لله               إله العالمينا