نورهان رضا مطاوع تكتب: إشكاليات التليفون المحمول
لعل أبرز إشكاليات التليفون المحمول في عصرنا الحالي، والذي انعكس على المزاج العام والصحة النفسية والجسدية والتي تأثر بدورها على التعامل مع المجتمع وتوابعه ( الأسرة والأصدقاء وحتى مع ذاته ) .
فعلى المستوى الاجتماعي، أصبحت هذة الأجهزة وسيلة للهروب من التعامل المباشر مع المجتمع ، فهي تسبب الغربة والعزلة رغم التجمع ، والتي تنتج الفجوة بين الأجيال.
قل تواصل كثير من فئات المجتمع مع بعضهم ، رغم تجمعهم في مكان واحد ، بملاحظة الحضور البدني والغياب العقلي والروحي . فلمجرد تحريك إصبعك على هذة الشاشة الصغيرة ، تنقلك إلى مجتمعات أخرى تعيش فيها وبكل ما فيها وعلى المستوى الأسرة فعلامات
التفكك داخل الأسرة المصرية وإزدادت معدلات الطلاق فيها ، حيث إنفرد كل فرد على جواله ، يتصفح مواقع التواصل الإجتماعي الخاصه به ومتابعه أشخاص مجهولين والتأثر بآرائهم ، وخلق أراء وأفكار خاطئة عن الدين وغيره . وتلاحظ كم هائل من التعليقات المؤيدة لهذة الأفكار المتخلفة.
فرسالة نصية صغيرة بسرعة البرق ، تكفي لاملاء الفراغ العاطفي لكلا الجنسين مع اختلافعادات وتقاليد وقيم كل مجتمع فالبيت المصري أصبح محروما من زيارة الأقارب وصلة الرحم . فرسالة واحدة تطمئن بها على أحوال أقاربك دون محادثتهم وجه لوجه ، والشعور بالطمأنينة لوجودهم حولك .
هل الأسرة الحالية تتساوى مع الأسرة القديمة، من حيث الجلوس على مائدة واحدة ، التواصل البصري والحسي ، وسماع حكاوي الكبار ؛ لتنمية أفكار المراهقين؟ هل تتساوى؟.
وعن الصداقة عن بعد تحدث ولا حرج من عزل الذات حيث انعزل كل مراهق على هاتفة ، وكون صداقات مجهولة ، دون تفاعل حقيقي فقط يتبادلون تجاربهم وتفاصيل حياتهم ، خلف الشاشات ، وبعض الأحيان يحدث خداع بين طرف ، والطرف الأخر لبرائتة الشديدة يستدرج ويطمئن له ، ويدردش معه ، دون ذرة أو أدنى تفكير حتى بأن هذا الشخص يحاول خداعك بكلامه المعسول أو المزيف . لسرق حسابك مثلا ، أو الإنضمام إلى جماعته ، أو تبادل الصور بينكما لتشويه صورتك فيما بعد بمناظر لا تليق بك ولا بأخلاقك . وما أدراك أن يتحدث معك بنية سليمة؟؟؟ .
وقد يصل الأمر إلى حب المراهق للعزلة في منزلة بعيدا عن الإزعاج ، ومن ثم الغرفة ، ومن ثم حبس الذات ، وكرهه للتعامل مع العالم الخارجي بأي شكل وطريقة . اضطراب النوم المؤدي إلى الصداع النصفي ، الحدائق السوداء أسفل العين ، زيادة الوزن ، فقدان الشغف لرؤية الأشياء المبهجة ، أو أي شيء كان يلفت نظرة . يرى كل شيء جميل عاديا ، كثرة التصفح على تويتر لأنه : ( بيقرء إيلي حاسس بيه على لسان حد تاني ، فميحسش أنه لوحده ، فيرتاح ) . يضع نفسه في صندوق أسود ويغلق على نفسه ، يشارك منشورات اكتآب ، يظل عقله في عالم آخر .
ربنا يحرسهم جميعا