مقالات

عادل حافظ بكتب: رجل الجبال حقيقة أم خيال

كلمات ثلاث يقولها الكبير والصغير ويؤكد عليها كل قائد أو مسؤول عند لقاء أتباعه من الموظفين أو أبنائه في المنزل. حتى شباب اليوم من الجنسين يتحدثون عن تلك الكلمات حين يريدون فعل شيء ما. هذا ما دفعني إلى السؤال عن مدى إدراك كافة الأطراف المعنى الحقيقي وراء تلك الكلمات التي اعتبرها من أهم خطوات النجاح بل هي عصب طريق التميز والإبداع.

كلمات قد تختلف في معناها اللغوي، ولكنها تؤدي إلى طريق واحد لا خلاف علية؛ وهو تبييت النية والعزم على توجيه رغبتنا في فعل شيء ما دون غيره من الأشياء.

هل عرفنا ما هي تلك الكلمات!!

في توضيح آخر؛ لا يستطيع الفرد أن ينجح في امتحان ما من دون وجودهم؛ ولا يستطيع القائد النهوض بالمجتمع المحيط به من دونهم.

أعتقد اننا الآن بدأنا ندرك ملامح تلك الكلمات وهم كلمات ليست كأي كلمات وهم الإرادة والعزيمة والإصرار.

وكي نوضح المعنى والمغزى من قوة تلك الكلمات وتأثيرها على الأفراد والمجتمعات في الحياة الواقعية.. دعونا نخوض في سطور القصة التالية والتي حدثت في قرية “جيهلور” الهندية، ومن جمال تلك القصة انها توضح معنى الحب والعزيمة لفعل الشيء والإصرار على تحقيق الحلم في وجود إرادة حقيقة للنجاح مع وجود رفض عام من المحطين ببطل قصتنا.

رجل الجبال

يعد “داشراث مانجهي” من أساطير الهند، الذي لقب بـ”رجل الجبل” كما تحولت قصته لمادة ملهمة في برامج تليفزيونية كثيرة، كما أنه تم صنع فيلم يجسد حياته. ولد عام 1934م، وهرب من منزلة وهو صغير إلى مدينة “دانباد” للعمل في مناجم الفحم؛ وبعد وقت عاد إلى مسقط رأسه بقرية “جيهلور” وتزوج من “فاجيني ديفي”.

بعد فترة تعرضت “فاجيني” لإصابة بالغة الخطورة في أثناء ذهابها بالطعام والماء إلى زوجها “داشراث”، الذي كان يعمل في مكان قريب من قريتهم، ولأن هناك جبلًا يفصل القرية عن أقرب مستشفى وطبيب مختص؛ لم تصل الإسعافات اللازمة في الوقت المناسب، فكانت المسافة تقدر بـ 55 كيلومترًا ـ وفي مقولة أخرى 70 كيلومترًا ـ في طريق غير ممهد؛ وبالتالي لم تتلقى العلاج الازم ومن ثم فقدت حياتها متأثرة بإصابتها.

حزن “داشراث” كثيرًا على فراق زوجته التي كان يحبها كثيرًا. وشعر بمسؤوليته اتجاه المجتمع لإيجاد حل لتلك المشكلة الإنسانية التي من الممكن ان تطيح بأرواح آخرين في قريته. فعقد العزم وقرر شق طريق عبر الجبل؛ ليجعل قريته قريبة من المدينة وبالتالي من الخدمات الأساسية.

أخذ مطرقته وإزميله.. وبدأ بشق الطريق بيديه. ورغم صعوبة المهمة وسخرية أهل قريته منه؛ فإنه كان يملك إصرارًا وإرادة قوية لإنهاء ما بدأ. وحين انتهى من العمل الذي استغرق نحو 22 عامًا ـ نعم 22 عامًا ـ شق خلالها طريقًا بطول 110 أمتار وعرض بلغ نحو 9.1 مترًا وبعمق 7.6 مترًا، ليختصر المسافة بين قريته وأقرب مدينة إلى 15 كيلومترًا فقط ـ أو 10 كيلومترات حسب ما ذكر في نص آخر. وأصبح هذا الطريق رسميًا بعد وفات “داشراث مانجهي” عام 2007م. وكانت قد أقيمت جنازة رسمية لـ”رجل الجبل” من قبل حكومة ولاية “بيهار” الهندية.

من هذه القصة؛ ندرك أن أي فكرة مهما كانت، ستظل في حالة السكون والتجميد ولا معنى لها حتى توضع في حالة التنفيذ الحقيقي لخدمة النفس أو المجتمع. وللوصول إلى هذه الحالة؛ يجب أن يتوافر لدينا القدر الكافي من الإصرار والعزيمة والإرادة والإيمان بالهدف طوال فترة التنفيذ، مع مقابلة جميع التحديات بالقدر نفسه حتى نصل إلى الإنجاز الكامل لها وتحقيق الهدف منها. بالإضافة إلى ذلك؛ عندما حول “رجل الجبل” طاقة الحزن على محبوبته وبدأ شيئًا لا يمكن لأحد أن يفكر به؛ فإنه واجه استهجانًا وسخرية كبيرين من المجتمع المحيط به حتى ولو كانت النتيجة لصالحهم، فهم لا يدركون .. ورغم ذلك؛ استمر في العمل طوال 22 عامًا حتى أنجز ما قد بدأ.

في النهاية؛ علينا أنا ندرك أن أي فكرة جديدة لم يفكر بها الآخرون قد تواجه بالرفض أو السخرية، فعليك أن تستمر بإيمانك وإصرارك للوصول لهدفك وتحقيق النجاح الذي تحلم به لنفسك ومجتمعك. وبطبيعة الحال لا تجعل تلك الكلمات بمثابة سرد لغوي في حديثك أو خطابك للغير لتكتسب بهم اهتمام البعض واحترام وتأييد الآخرين. من جانب آخر؛ لو كنت تابعًا أو من افراد المجتمع عليك أن تعلم أولًا ما هي الاستفادة التي تعود على المجتمع من تك الأفكار الجديدة وتكون منطقيًا في اعتراضاتك.

وأخيرًا.. إذا شعر كل فرد بالآخر وتعاونا لتحقيق الأهداف لأصبحت الحياة أفضل.