سلايدرمقالات

محمد سويد يكتب :إعلام سيدة القطار

 

كعادتها ، تقودُنا وسائل التواصل الاجتماعي، يوماً تلو الآخر لاكتشاف أسوأ ما في المجتمع، من عادات وممارسات، نقول بأنها فردية حفظاً لماء الوجه، وكذا تكشف عن مخزون الطيبة والخير .

سيدة القطار وسيدة المحكمة وبائع الفريسكا ..إلخ، كلها وقائع مجردة لم يحررها صحفي، أو يأذن بنشرها رئيس تحرير، حركت وجدان الرأي العام، وتفاعل معها المسؤلون، دون توصية ذي شخصية نافذة، أو وساطة للعقاب أو التكريم، فرسمت جميعها طريقاً للإعلام الجديد، الذي لا يحتاج لوسيلة، أو يضل طريقه للنشر أمام جبروت حارس البوابة.

إعلام الشعب لا السلطة، إعلام الواقع لا مساحيق التجميل .

ويبقي تأثير هذه المشاهد، وتفاعل الجميع معها بمثابة الإنذار الأخير والفرصة قبل الضائعة لصحافتنا وإعلامنا الديناصوري، القابع في متحف كان يا مكان، إن لم يتخلّ عن فوقية القرار ويتحرر من قيود السقف، في الشكل والمضمون، ويبحث عن عقول جديدة، تحمله على أجنحة التكنولوجيا، وصولاً إلى قلب القارئ والمشاهد قبل عيناه.

نعود إلي بطلة المشهد وحديث الساعة، سيدة القطار في قراءة سريعة للمشهد نجد بداية تعامل الكمسرى ورئيس القطار كانت بغلظة القانون، لا بروحه، وكلاهما لم يخرج عن مقتضيات وظيفته بمسائلة (راكب بدون تذكرة).

ذات المشهد الذي يحمل مخالفتهما -الكمسرى ورئيس القطار – لقرارات مجلس الوزراء التي تحظر العمل دون ارتداء كمامات ولكن في مكانهم هم فوق القانون .

تطور الموقف بتطاول وتهكم وتنمر رئيس القطار على العسكري بعبارات تستوجب المحاسبة، وإن لم تكن تحمل سباً صريحا، وكذا إساءة استخدام سلطته في تعنيف الجندي.

تدخل سيدة القطار أحرج الجميع وكشف الأقنعة عن حالة اللا مبالاة وعدم النخوة التي يعيشها العقل الفردي، وتسكن عقلنا الجمعي؛ ممثلة في عبارات (وأنا مالي) (يكش تولع) (سيبك) وخلافه، فاستحقت عن جدارة كل تكريم وثناء من الجميع أفرادا ومؤسسات

ولكن تبقى المشكلة قائمة؛ فهؤلاء المجندون وهبوا وطنهم زهرة شبابهم بتأدية الخدمة العسكرية، ولا يدرون هل سيعودون أحياءاً أم محمولين على الأكتاف، وليس هناك ما هو أقل تقديراً من صدور قرار وزير النقل بالسماح للأفراد والمجندين ارتياد القطارات ووسائل النقل العام التي تقلهم من وإلى معسكراتهم مجاناً طوال فترة تأدية الخدمة العسكرية.

وفي كل الأحوال، ينم الموقف في مجمله، عن ظاهرة الغل والتشفي والبلطجة باسم الوظيفة العامة، واستئساد كل ذي سلطة أو سلطان ولو من صغار صغار الموظفين في تعاملهم مع أفراد الشعب بدعوى تطبيق القانون ،

فلا يدهشني في مشاهد إزالات الأبنية المخالفة أكثر من قائد حملة الازالات الذى يأمر سائق اللودر العنترى فينقض على فريسته بعنف ويرفض حتى توسلات المنكوب صاحب البيت بالانتظار لجمع متعلقاته بدعوى تطبيق القانون

ولا يختلف رئيس القطار عن سابقه وهناك عشرات الآلاف من الأمثلة التي تحتاج لدراسة متعمقة بمعرفة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، بحثا عن حلول لعل أولاها مشروع قانون التنمر الذي أقره مجلس الوزراء.