رياضةسلايدرمنوعات

الفراعنة سبقوا العالم في الرياضة..الفتيات لعبن الكرة والملاكمة للشباب والرماية للملوك والجمباز للرجال والنساء

المناظر المرسومة على الآثار والمقابر تؤكد تفوق المصريين القدماء رياضيا

اذا كانت مصر تمتلك تاريخا كبيراً في الرياضة والعابها المختلفة،فهذا ليس وليد الصدفة بل بدأ منذ آلاف السنين،حيث كانت الرياضة مهمة جدًا في مصر القديمة،وداخل هذا التاريخ حكايات وقصص كثيرة كشفها لنا عالم الآثار د.حسين عبد البصير مدير عام متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية.

قال عبد البصير:لقد كانت مصر الفرعونية سباقة في مجال الرياضة كما كانت سباقة في الكثير من المجالات؛ وذلك لأن مصر هي أول كلمة في كتاب التاريخ وأهم موقع في كتاب الجغرافيا،فمصر الفرعونية هي التي علمت العالم، وكان الفراعنة روادًا سبقوا شعوب العالم في الاهتمام بالرياضة وممارسة العديد من أنواعها والتي تشبه مثيلاتها في الوقت الحاضر.

وتعد المناظر المرسومة على العديد من الآثار المصرية أكبر دليل على ذلك،ومارس قدماء المصريين رياضيات عديدة مثل المصارعة، ورفع الأثقال، والسباحة، وصيد الأسماك، والتجديف، وألعاب القوى، والرماية، والملاكمة، والوثب العالي، ومختلف الألعاب والأنشطة الرياضية،وكثير من القوانين التي نستخدمها اليوم في الأنشطة الرياضية مبنية بشكل أساسي على القوانين التي مارسها المصريون القدماء.

الفتيات يمارسن الرياضة

وكان اللعب بالكرة معروفًا في مصر القديمة،وكان المصريون القدماء أصحاب اختراع كرة اليد ومارسوا لعبة كرة اليد. ولأول مرة في تاريخ البشرية، كان يُسمح للفتيات بممارسة الرياضة حيث ظهرت المناظر العديدة لتلك اللعبة على جدران مقابر بني حسن بالمنيا، فتظهر فتاة تعتلي ظهر زميلتها، ثم تتقاذفن بثلاث كرات صغيرة في حركات سريعة متلاحقة.

وتوجد رسومات لهذه اللعبة في مقابر سقارة منذ خمسة آلاف سنة،وكانت الكرة مصنوعة من الجلد الذي يتم حشوه بألياف النباتات والقش أو كانت من نبات البردي حتى تكون أخف وقابلة أكثر للتحمل،وتوضح هذه الصورة أربع فتيات يمارسون كرة اليد،وتثبت هذه الصورة أن المرأة في المجتمع المصري القديم كانت تمارس الرياضة مثل الرجل تمامًا.

الهوكي لعبة مصرية

ولعبة الهوكي لعبة مصرية خالصة مارسها قدماء المصريين منذ آلاف السنين،وهي مصورة في النقوش والرسوم بمقابر بني حسن بالمنيا، حيث يظهر لاعبان ممسكين بالعصا المعكوفة في انحناءة رياضية،وتوضح تلك النقوش لاعبين يحملان مضربًا مصنوعًا من فروع النخيل له نهاية ملتوية تشبه مضرب الهوكي،وكانت الكرة التي يستخدمونها مصنوعة من خيوط البردي المغطاة بقطعتين من الجلد على شكل نصف دائرة وكان يتم تلوين هذه الكرة بلونين أو أكثر.

العدو رياضة معروفة

وكانت رياضة العدو معروفة في مصر منذ العصر الفرعوني،وكانوا يتبارون في سرعة الجري،لقد كانت سباقات الجري من أهم السباقات لدي قدماء المصريين، خاصة أثناء الاحتفالات الخاصة بتولي الملك حكم مصر حيث كانت إحدى طقوس هذه الاحتفالات إقامة سباق للملك يقوم فيه بالجري ليظهر قوته البدنية وقدرته على الحكم مستخدمًا قدراته البدنية والعقلية معًا.

وبذلك وصلت رياضة العدو إلى درجة كبيرة من الأهمية؛ إذ كان هذا شرطًا أساسيًا لتولي الحكم أو التجديد للفرعون أن يقطع مسافة محددة عدوًا منفردًا كي يثبت أنه بصحة جيدة تؤهله إلى حكم البلاد، ضمن طقوس عيد سد أو العيد الثلاثيني للجلوس على عرش مصر،ومن تلك الأمثلة التي توضح ممارسة العدو مناظر في مقبرة بتاح حتب بسقارة من الأسرة الخامسة. ومصور على المقصورة الحمراء الملكة حتشبسوت بالكرنك وهي تعدو.

أبطال في الملاكمة

لقد عرف المصريون القدماء رياضة الملاكمة قبل الإغريق بقرون طويلة وكانوا أول من مارسها لإعداد الشباب للدفاع عن الوطن،ويظهر على مقبرة خرو إف بالأقصر منظر يمثل رياضة الملاكمة، ومنظر آخر يمثل أزواجًا من الملاكمين يمارسون هذه الرياضة،وتوجد مناظر خاصة بلعبة الملاكمة في مقبرة “مري رع” في المنيا، وفي مقبرة “بتاح حتب” في سقارة،وهذه الصورة توضح لاعب في وضعية الاستعداد لتوجيه ضرباته بقبضة اليد نحو اللاعب الآخر والذي بدوره يحاول صد هذه الضربات.

مصارعة الرجال المحترفين

وكانت رياضة المصارعة أحد الأنشطة المنتشرة لدى قدماء المصريين، وظهرت مناظر تصور هذه الرياضة بين الصبيان على مقبرة بتاح حتب بسقارة،وهذه أقدم صورة لرياضة المصارعة من الأسرة الخامسة،كما صورت مناظر أخرى تمثل رياضة المصارعة بين الرجال المحترفين في وضعيات متعددة على جدران مقبرة الأمير باقت ببني حسن بالمنيا.

الجمباز للرجال والنساء

وتعتبر مصر القديمة هي التي وضعت الأصول الأولى لألعاب الجمباز فقد وضحت المناظر العديد من الأوضاع الدقيقة، ومنها منظر لأربعة شباب يقف أحدهم باسطًا ذراعيه بشدة إلى الجانبين في مستوى كتفه، ويبسط آخر ذراعيه بشدة أمامه في مستوي كتفه في حين يعتمد على ساق واحدة دافعًا الأخرى إلى الأمام في وضع، ويتخذ الآخران أوضاعًا مماثلة في مقبرة باقت ببني حسن بالمنيا.

وكانت المرأة المصرية أولى نساء البشرية ممارسة للجمباز. وهذا واضح في منظر يمثل ممارسة المرأة المصرية القديمة لألعاب الجمباز بمصاحبة الموسيقى،وكان لاعبو الجمباز من القدماء المصريين يقومون بأداء الوثبة المتتالية بدون لمس الأرض برؤوسهم،كما كانوا يقومون بأداء أكثر من لفة كاملة في الهواء. وفي نهاية التدريب كان يقف اللاعبون بشكل مستقيم.

وكان اللعب في الجمباز يقوم على انحناء الجسم للخلف حتى تقوم اليد بملامسة الأرض مما يوضح مدي المرونة التي كان يتمتع جسم المصري القديم،واحتفظت المتناظر بمجموعة من مناظر التعليم الجماعي في الرقص الإيقاعي حيث تظهر عدة فتيات يؤدين رقصات إيقاعية في أوضاع منتظمة من مقبرة خرو إف بالأقصر.

أول مبارزة بالسيف

ولعبة المبارزة بالسيف (الشيش حاليًا) لعبة مصرية خالصة، وتوصل المصريون القدماء إلى ممارستها وأعدوا لها أدواتها والأقنعة التي اُستخدمت لحماية الوجه،وقد ظهرت أول مباراة للمبارزة عند قدماء المصريين في نقوش معبد بمدينة هابو بالأقصر من عهد الملك رمسيس الثالث، حيث ظهرت فيها المبارزان ممسكين بأسلحة مغطاة عند طرفها ومرتديين اقنعة لحماية الوجه تشبه إلى حد كبير الأقنعة الحديثة.

الرماية رياضة الملوك

واعتنى المصريون القدماء برياضة الرماية كتدريب للدفاع عن الوطن ضد الغزاة والمجرمين،وأًصبحت تلك الرياضة من الرياضات التي مارسها ملوك مصر القديمة،وظهرت مناظر عديدة لرياضة الرماية على الآثار المصرية ومنها منظر من معبد سيتي بأبيدوس. وأيضًا هناك صور تضم مجموعة من الرماة يتدربون على رياضة الرماية عن طريق استخدام القوس والسهم.

الوثب ومصارعة الثيران

وكانت رياضة القفز العالي أو ما يسمي بالوثب العالي معروفة في مصر القديمة حيث تظهر مناظرها في مقبرة “بتاح حتب” الموجودة في سقارة،ولقد مارس قدماء المصريون رياضات الحقول والمضمار مثل الوثب العالي،كذلك من بين الرياضات التي تندرج تحت ألعاب القوي مصارعة الثيران،وتعتبر مصر القديمة أولى الشعوب التي اتجهت أنظارها إلى الحيوان في ممارسة الرياضة، ووهي بذلك تسبق جميع الأمم في تلك الرياضيات فتظهر في المناظر الفرعون وكيف يوقع العجل ويصارعه.

التجديف والقوة البدنية

وكان من الطبيعي أن مارس المصريون القدماء رياضة التجديف سواء في نهر النيل أو البحار المحيطة بمصر، وتحتفظ الآثار المصرية بالعديد من النقوش والنماذج التي توضح رياضة التجديف ومنها منظر لمجدافين من الدولة الحديثة،لقد كان التجديف واحدًا من الرياضات التي تتطلب قوة بدنية عالية من جانب قدماء المصريين.

وكان فريق التجديف يعتمد لاعبيه على التجانس في تجديفهم وفقا لإرشادات قائدهم الذي يتولى الدفة،وكان هذا القائد يتحكم في الفريق من خلال نداء معين لتوحيد الوقت الذي يلامس فيه المجاديف سطح الماء مما كان يساعد على دفع القارب للأمام بطريقة أكثر ثباتًا ومرونة.

السباحة بين الزهور

وكان المصريون القدماء مغرمين بممارسة رياضة السباحة، فكانوا دائمًا يخرجون إلى شاطئ النيل لممارسة رياضة السباحة،وقد تم تصوير العديد من مناظر السباحة،ومنها منظر لفتاة وهي تعوم بين زهور اللوتس،وهناك نماذج عديدة لرياضة السباحة منها وعاء من الألباستر على هيئة فتاة سابحة في النيل.

ولقد كانت السباحة هي الرياضة المفضلة لدي قدماء المصريين الذين استغلوا نهر النيل لممارستها،ولم يكن نهر النيل هو المكان الوحيد الذي تتم إقامة المسابقات فيه، حيث كانت قصور النبلاء تحتوي على حمامات سباحة لتعلم اللعبة،وقد شجعت مياه نهر النيل الهادئة الشباب على إقامة مسابقات السباحة لإظهار مهارتهم.

الصيد للأمراء والنبلاء

لقد كان الصيد واحدًا من الرياضات التي كان يمارسها الملوك، والأمراء والنبلاء،وتوجد الكثير من الصور الخاصة بصيد السمك كهواية في المقابر،وتوجد في المتحف المصري أنواع عديدة من عصا الصيد والخطاف الذي كان يُستخدم للصيد والذي يوضح مدى تقدم هذه الرياضة في مصر القديمة.

وكان رمي الرمح أثناء العصر الفرعوني في بادي الأمر متصلاً بالصيد،واختلف طول الرمح وفقًا لنوع الفريسة، وكان المصريون القدماء يخرجون لصيد السباع والفيلة والثيران الوحشية،واعتاد النبلاء أن يركبوا القوارب الصغيرة المصنوعة من البردي،وكانوا يخرجون في رحلة إلى أحراش الدلتا وكانت معهم أسرهم وخدمهم لصيد الأسماك والطيور.

الفروسية ورفع الأثقال

وانتقلت الفروسية من عالم الحرب وعربات الحرب إلى عالم الرياضة ومطاردة الحيوانات البرية. وكان المصريون القدماء يقومون بإقامة سباقات للخيول بين الشباب الذين تمكنوا من البقاء على ظهر الخيول والتحكم فيها بدون سرج. ونظر المصري القديم إلى رياضة الفروسية بعين الاعتبار؛ إذ كانت رياضة الفروسية من الرياضات التي يجب ممارستها،وظهرت مناظر عديدة للفروسية على الآثار المصرية منها منظر على معبد رمسيس الثاني.

وكانت لعبة رفع الأثقال واحدة من الألعاب التي عرفها قدماء المصريين،وكانت محاولة رفع كيس من الرمل بواسطة يد واحدة (رفعة النطر) والاحتفاظ بهذا الكيس عاليًا في وضع شبة مستقيم إحدى طرق رفع الأثقال،وكان يجب على اللاعب أن يظل محتفظًا بهذه الوضعية لفترة وجيزة.

لعبة القوس والسهم

لقد كانت لعبة القوس والسهم من الرياضات المعروفة لدى قدماء المصريين،وكانت غالبًا يتم تسجيلها على جدران المعابد،وتمتع الملوك والأمراء بالمهارة في إصابة الهدف بدقة. وكانوا أقوياء في شد القوس،وكانت هناك لعبة مصرية قديمة يقوم فيها لاعبان بالتنافس في شد الطوق بخفة حيث يقوم كل متسابق بتثبيت عصا بخطاف لإعاقة اللاعب الآخر ومنعه من خطف الطوق.

وكانت تحتاج هذه اللعبة لمناورة بدنية حادة وقوة ملاحظة شديدة،وكان الأمر يحتاج إلى توازن لاعبين مقابلين لبعضهما وواقفين على كعب أرجلهما وأجسامهما مشدودة في وضعية مائلة بينما يمسكان بأيدي لاعبين آخرين،ويقوم الأربعة بالدوران مع المحافظة على وضعيتهم بتوازن تام وتوافق في الحركة.

وهناك منظر في “مقبرة مريروكا” يوضح فرقًا تقف في صفين متقابلين ويمسك فيها اللاعب الأول من كل فريق بيد الآخر ويشدان للخلف بعضهم البعض، بينما يقوم باقي أعضاء كل فريق بمسك بعضهما بقوة من الوسط مع محاولة شد الفريق الآخر للخلف.

الشطرنج لعبة العقل

وبجانب الرياضيات البدنية، عرف المصري القديم نوعًا آخر من الرياضة التي كان من شأنها أن تنمي مدراك العقل وأعمال الفكر،ويعود فضل اختراع لعبة الشطرنج إلى مصر القديمة، حيث عثر في المقابر الفرعونية على مجموعة من أدوات اللعب التي تتشابه في أشكالها وطريقة لعبها وكان يطلق عليها اسم لعبة “سنت”.