مقالات

محسن عليوة يكتب: مواجهة قضايانا

المتابع لما تحياه مصر في هذه السنوات الفارقات في تاريخنا المعاصر يجد أن هناك إصرارًا نحو إصلاح اقتصادى ومجتمعى يحقق علاجًا لمشكلات تراكمت عبر سنوات وسنوات.
يرى الناظر أن هناك تحديًا من القيادة لظروف كان من السهل السير عكس هذا التحدى لكسب ود الشعب الذي يعانى، ويتكبد فاتورة الإصلاح حبًا وعشقًا لتراب مصر وحرصًا على تقدمها وأمنها وأمانها.
والناظر للبنية التحتية التي تقوم بها حكومة مصر يجد فكرًا متجددًا لمواجهة كثير من المشكلات المزمنة، حيث إن البنية التحتية في شبكات الطرق ومصادر الطاقة تعتبر بعض محفزات الاستثمار، فالبنية التحتية الرئيسية تُحدث أثرًا في حياة الناس، ففى كثير من الأحيان نجد أن كل ما يحتاجه الأمر هو مجرد طريق، فالطريق الممهد يمكن أن يفتح مجالًا وأفكارًا أمام أصحاب المشاريع الصغيرة ويمنح كثيرًا من الفرص الاستثمارية، ويعمل على زيادة القدرة على فتح أسواق جديدة وإتاحة الفرص لتنمية الكثير من الأنشطة.
ولمواجهة مشكلاتنا، وحتى نصبح دعاة بناء وتعمير لا دعاة هدم وتدمير.. لابد لنا أن نعترف أن هناك العديد من المعوقات التي يجب أن نزيلها من طريق تقدمنا..
نحتاج إلى تطوير الإعلام
فإذا صلح الإعلام فهو دافع ومحرك للبناء والإنجاز والتقدم إذا أراد محركوه، حيث إن للإعلام دورًا هامًا في تحريك العقول وتغذيتها وإشباع رغباتها بما يُفيد المجتمعات وأهلها ويعود بالنفع على الجميع، وذلك بما يقدمه من ترسيخ للقيم والمبادئ التي تُبنى بها الأمم، وإذا فسد فهو لهدم الكثير من الثوابت فاعلًا ومؤثرًا.
ويرجع ذلك لتلك العقول التي تُحرك وسائله فمن خلاله وبأيديهم يُجعل الكذب واقعًا والواقع خيالًا ويكون للهدم أقرب من البناء فيقدم إسفافًا فنيًا، فيلعب الإعلام دورًا هامًا في تعبئة الرأى العام محليًا وعالميًا عن طريق بث ونشر الأخبار والمعلومات الضالة المضللة التي تهدف إلى التأثير على أفكار متخذى القرار، ويتبع ذلك تنفيذ تلك القرارات التي تعمل على الهدم وعدم التقدم، لذا فإنه يجب أن يتم إصلاح الإعلام لتحقيق النهوض في جميع المؤسسات ليكون عاملًا مؤثرًا وفاعلًا في الزود والدفاع عن الثوابت ورفع قيمة المجتمع ونشر وسائل تعميق الانتماء لمصر بين فئات المجتمع.
نحتاج إلى تطوير التعليم
التعليم في كل أمة هو الإطار الهام الذي يعمل على تطوير قدرات المجتمع الفكرية والعقلية، ويعمل على تهيئة المواطنين للسير نحو النهوض بأعباء التنمية، والاستثمار الجيد للموارد الطبيعية والبشرية المتاحة في تنفيذ البرامج والخطط التنموية لبناء إنسان مزود بطاقة وفيرة من العلم والمعرفة، حتى تكون له القدرة على تحمل تبعات هذه النهضة بكل ما تقتضيه من تحديات، وعلى هذا فإن مشروعات وأفكار إصلاح التعليم لا تُعد مشروعات استهلاكية، بل إنها عامل اساسى في بناء القوى البشرية التي هي رأس المال الحقيقى للمجتمعات والدول إذا ما أردنا أن نحقق الأهداف التنموية؛ لأن القدرات العلمية ومهارات الأفراد هي فرس الرهان لإحداث الصحوة التعليمية.
ولكن الضعف وعدم الاستقرار في منظومة التعليم واضحة، ولا تحتاج إلى خبرة لملاحظة ذلك؛ لأن هذا الضعف أصبح واضحًا يراه المعلم ويراه أولياء الأمور.
وهناك الكثير والكثير من الخطط والحلول التي تم وضعها لتطوير العملية التعليمية، فكم من المشاريع التي هدفت لتأهيل المعلم ليُصبح أكثر قدرة على التأثير والتواصل الجيد مع طلابه وذلك من خلال عقد الدورات التدريبية، وتطوير المناهج لتتماشى مع متطلبات المرحلة الحالية التي تعيشها مصر ولمسايرة التطور التكنولوجى المتسارع من جهة أخرى.
لكن هذه الحلول والخطط لم تغير من الأمر كثيرًا.
ولكى ننهض في الإصلاح التعليمى علينا أولًا أن نحدد احتياجاتنا التنموية وأول هذه الاحتياجات هي المرتبطة بالمحافظة على الموروثات الأخلاقية والثقافية والعادات والتقاليد، حيث تُعد أكبر مشكلات إصلاح وتطوير التعليم هو ما يتعلق بإعادة منظومة الأخلاق والعادات والتقاليد المستمدة من الشرائع السماوية لأنه عندما غابت هذه المقومات أصبحت الجامعات والمدارس تُخرج جيلًا لا علاقة له بالثقافة أو القيم أو الأخلاق.
وخلاصة القول إنه لن يحدث التغيير المأمول إلا عندما ندرك أهمية هذا الإصلاح، وأن نحدد ماذا يريد المجتمع من تطوير التعليم، وأن يتم مراعاة ذلك عند وضع الخطط الإستراتيجية للتنمية، بناءً على الحاجات الفعلية للمجتمع.
نحتاج إلى تعميق الانتماء
الانتماء هو الانتساب لكيان ما يكون الفرد متواجدًا معه، مندمجًا فيه؛ باعتباره عضوًا منتسبًا إليه يشعر فيه بالأمان، وهذا الكيان هو الوطن الذي ننتمى إليه.
كما أن الانتماء هو شعور إيجابى بالحب يستشعره الفرد تجاه وطنه بالفخر والولاء والاعتزاز بالهوية منشغلًا بهمومه ومهمومًا بقضاياه محافظًا على مصالحه وثرواته، ولا يتخلى عنه حتى إن اشتدت به الأزمات.
إن مفهوم الانتماء وحب الوطن، هو ذلك المفهوم العملى الواقعى الذي يتعدى الشعارات البراقة والأناشيد الحماسية، وهو ذلك الانتماء الذي يتعدى حدود الذات ومصالحها ومباهجها، إلى التضحية بكل ما نملك، وبكل حواسنا ومشاعرنا في سبيل بنائه ونمائه وأن نكون دُعاة بناء وتعمير، لا دُعاة هدم وتدمير.
وحب الأوطان انتماء فريد وإحساس راق وتضحية شريفة ووفاء كريم، إنه الحب الجميل الراقى الباعث للعمل من أجل رقيه ورفعته ودفع الضرر عنه، والحفاظ على مقوماته ومكتسباته، واحترام العوامل والأسس التي تنظم شئونه وتحافظ على الحقوق والواجبات.
علينا أن نعمق بداخلنا وأبنائنا ومجتمعنا ذلك الانتماء لحماية الوطن ضد أي خطر أو عدوان داخليًا كان أو خارجيًا والمحافظة على مقدراته وممتلكاته العامة ومرافقه ومبانيه ومؤسساته والمساهمة في تقدمه وازدهاره والعمل على محاربة كل فاسد ومفسد والتعاون فيما بيننا للرقى به وأن يكون كلٌ منا نموذجًا في الإخلاص للوطن.
وخلاصة القول بأن الوطنية شعور حب الفرد لوطنه ومكان ميلاده ونشأته، وإلمامه بتاريخه وقضايا حاضره وطموحات مستقبله، لبذل كل مايملك للدفاع عنه وخدمته في شتى المواقع.
وقد قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
وطنى لو شغلت بالخلد عنه… نازعتنى إليه في الخلد نفسى
نحتاج إلى تغليب مصالح الوطن
يجب أن يتم تغليب المصالح العامة العُليا للوطن على المصالح الشخصية، وأن ننكر ذاتنا من أجل النهوض بمصرنا الحبيبة، ولا نرتكن إلى الانانية في التعامل مع المشكلات التي تتعلق بسلامة وأمن الوطن والمواطن، ويجب غرس وتعميق قيم الإيثار ونكران الذات لدى جميع طوائف المجتمع، والعمل على تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية تؤدى بدورها إلى رفع معنويات الأفراد ونشر روح التفاؤل، وألا مستحيل أمام الطموحات المشروعة لجميع أفراد المجتمع.
واعتقادى أنه بهذا قد يتحقق بعض ما نحتاجه لتحقيق أحلامنا.
—————————————
أمين عمال حزب “حُماة الوطن”