أزمة هدم في صحراء المماليك.. جولة الحدث 24 وأسئلة مهمة عن توقيت التنفيذ وحلول كانت قادرة علي حل المشكلة قبل بدايتها..تقرير شامل
> تأكدنا من عدم صحة ما تردد من تعرض أثار مسجلة رسميا للهدم،وكان أكثر ما قيل عنها ذلك قنصوة أبو سعيد والتي وجدناها رغم حاجتها للترميم كما هي ولم يحدث لها أي هدم
>> كثير من التي تم هدمها ليست مقابر أو أحواش,بل حجرات مبنية حديثا كان يسكنها بعض الأشخاص والعائلات,وبعض المقابر والأحواش ما تم هدمه فيها سورها الخارجي.
>> هدم أسوار المقابر والأحواش كشف عن مفاجأت منها ظهور تركيبات رائعة التي تستحق إن لم تكن مسجلة أثارا،فعلي الأقل تسجل كتراث متميز للحفاظ عليها من الضياع
>> وجدنا بعض الأشخاص يأخذون من مخلفات الهدم الأحجار السليمة والحديد والخشب،مما يثير شكوكا حول ضياع أي عناصر تراثية في الأحواش والمقابر التي تم هدمها
قام بالجولة وصورها .. علاء الدين ظاهر
لا أحد ينكر أن قطاعا كبيرا من المصريين يحبون تاريخهم وتراثهم ويسعون للحفاظ عليه..هذا المبدأ هو ما دعانا للقيام بجولة
في منطقة صحراء المماليك وننشر منها 30 صورة،وكان معنا فيها عماد عثمان المدير العام الأسبق لأُثار شرق القاهرة،وكان
شاهدا علي كل ما سننقله بكل أمانة,وهي المنطقة التي تمثل جزءا لا يتجزأ من تراث وتاريخ وهوية مصر,وذلك للتيقن من
كل ما أثير عن هدم أثار إسلامية ومنشأت تراثية ضمن أعمال إنشاء محور الفردوس,وهو ما أثار غضب وضيق العدد الأكبر من
محبي وعشاق التراث والتاريخ.
فكرة هدم الأثار والتراث طبعا مزعجة بلا شك لأي أحد وأنا شخصيا إنزعجت فعلا،خاصة أن منطقة أُثار صحراء المماليك تمثل
لي عشقا كبيرا،وكل فترة أحرص علي الذهاب إليها”وألف فيها علي رجليا”,للتمتع بما فيها من منشأت والبحث عن قصص
وموضوعات صحفية والمنطقة ممتلئة بما يصلح لهذا الغرض,وكثيرا ما كتبت عنها وعن كنوزها الأثرية والتراثية.
إعتراضات من محبي التراث عما حدث في صحراء المماليك
وبالطبع غضب جانب كبير من محبي التراث نقدره ونتفهمه،لكنني عندما أكتب لا بد أن أنحي أية مشاعر جانبا حتي تكون
الكتابة متزنة وبلا تحيز,ولذلك قررت الذهاب الي المنطقة بنفسي ومشاهدة ما يحدث علي أرض الطبيعة,وقبل أن أرصد ما
شاهدته هناك بكل أمانة وموضوعية وسرد ما تحصلت عليه من معلومات من مصادري،لا بد أن أنقل بكل أمانة ودون تدخل
مني أبرز نقاط الإعتراض المتزنة التي تريد مصلحة التراث والأُثار بالفعل.
@ هدم منشأت ومباني أثرية خسارة كبيرة للتراث المصري،وتبرير البعض هدم المدافن والأحواش بأنها ليست آثار تبرير ليس
في محله، وكثير من هذه المدافن تخضع لقرارات وزير الاسكان باعتبارها من المباني ذات الطراز المعماري المتميز وتستحق
أن نحافظ عليها
@ مرفوض هدم المقابر التراثية التاريخية التي ترجع للربع الثاني من القرن العشرين لرموز وطنية وتاريخية وسياسية مثل
اسماعيل سري باشا ورجل الاقتصاد المصري عبود باشا،ونازلي هانم حليم حفيدة محمد علي باشا الكبير،وضريح الشهيد
الطالب المصري محمد افندي عبد الحكم الجراحي الذي اغتيل برصاص الانكليز في مظاهرة طلبة الجامعة المصرية عام
1935م.
@ حجة أنها ليست أثرية وأنها مقابر حديثة للأهالي والمفترض انها مسجلة بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري بالقاهرة
كارثة حضارية تاريخية مروعة،برغم أن هذه المقابر التراثية التاريخية ذات طرز معمارية وفنية نادرة حيث بني معظمها علي
الطراز الإسلامي المستحدث،وكثير من هذه المقابر بنيت علي يد معماريين أجانب مشهورين وتمثل تاريخا لا يتجزأ من مصر.
@ إزالة عشرات المدافن تشويه لمنطقة ظلت محتفظة بتجانسها العمراني و المعماري لأكثر من مئة عام ويقطع الهوية
البصرية للمنطقة ويدمر وحدتها،لأن المنطقة جزء لا يتجزأ من التجمع الجنائزي الهائل الواقع شرق القاهرة ويحتوي علي
مجموعات جنائزية فريدة لسلاطين و أمراء المماليك من اروع ما أنتجته العمارة المملوكية في العالم الاسلامي،وأحواش
الفترةالحديثة تحمل العديد من القيم التاريخية و المعمارية والرمزية و الثقافية.
رؤية العين من جانبنا لما حدث في صحراء المماليك
عند وصولي لأول كوبري الفردوس وجدت بالفعل اللودر يقوم بهدم عدد من المقابر علي الطريق،وإعتقدت للوهلة الأولي أن
هذا الموقع هو ما يتم فيه الهدم فقط،لكنني بعد البحث والسؤال عرفت أنه هناك أيضا مكان أخر وهو شارع قنصوه وعلي
رأسه تقع قبةً السلطان قنصوة أبو سعيد،وسرت فيه وشاهدت بالفعل مخلفات هدم كبيرة وكثيرة علي جانبي الشارع،ورغم
الأتربة الكثيفة في المكان أكملت السير حتي نهاية الشارع.
بداية بعد الجولة التي إستغرقت ما يقرب من ساعة ونصف تأكدنا أولا من عدم صحة ما تردد من تعرض أثار مسجلة رسميا
للهدم،وكان أكثر ما قيل عنها ذلك قنصوة أبو سعيد،لكننا وجدناها رغم حاجتها للترميم كما هي ولم يحدث لها أي هدم،وربما
قيل عنها ذلك بسبب أنها تقع في منتصف الطريق الذي تمت فيه أكبر عمليات هدم للمقابر والأحواش هناك,وتيقنا تماما أنها
سليمة ولم تهدم لا هي ولا أي أُثار مسجلة.
أثناء جولتنا إكتشفنا أن كثيرا من التي تم هدمها ليست مقابر أو أحواش,بل هي حجرات مبنية حديثا وكان يسكن فيها بعض
الأشخاص والعائلات,كما أن كثيرا من المقابر والأحواش لم تهدم من الأساس،وفقط ما تم هدمه السور الخارجي الخاص بها
والقريب من حد الطريق،في حين ظلت المقابر نفسها كما هي دون هدم,وهو ما وجدناه في مقابر كثيرة.
مفاجأت هدم أسوار المقابر والأحواش
هدم أسوار المقابر والأحواش كشف عن مفاجأت،علي رأسها ظهر تركيبات فوق المقابر غاية في الروعة والنقوش
والكتاباتالتي تستحق إن لم تكن مسجلة أثارا،فعلي الأقل تسجل ضمن التراث المتميز للحفاظ عليها من الضياع,خاصة أن
أصحابهذه المقابر لن يبنون أسوارا جديدة حولها بين يوم وليلة وسيستغرق ذلك وقتا،مما يجعل مثل هذه التركيبات عرضة
للسرقةوالنهب،وربما يتضح بعد ذلك أنها قيمة ونكون قد فقدناها بعد فوات الأوان،كما وجدنا كثيرا من المقابر ذات ملامح تراثية
نجتمن الهدم رغم قربها من الطريق،وذلك لأنها تقع بعد المساحة المقرر هدمها .
كما وجدنا أن عددا من المقابر التي تم هدمها بالفعل مبنية حديثا منذ سنوات ولا تحمل أي ملامح تراثية،وهو ما ظهر من
الطوب الأحمر المستخدم في بنائها ولا تبدو عليه ملامح القدم،كما أن هدمها أظهر أنها مدهونة حديثا من الداخل،كما وجدنا
كثيرا من المقابر والأضرحة الغير مسجلة أثار وأصحابها من الشخصيات التاريخية وتردد أنها تم هدمها،وجدناها موجودة بالفعل
ولم تهدم،وما هدم منها اما السور الخارجي لها أو حجرات ملحقة بها،لكن الأضرحة نفسها والقباب باقية ومنها مدفن الملكة
نازلي،ومدفن عبود باشا الذي دخلناه بالفعل ووجدناه لم يهدم،كذلك لم يهدم ضريح الشهيد الطالب المصري الجراحي.
وخلال جولتنا وجدنا بعض الأشخاص يأخذون من مخلفات الهدم الأحجار السليمة والحديد والخشب إذا وجد،وهو ما يثير
شكوكا حول ضياع أي عناصر تراثية في الأحواش والمقابر التي تم هدمها،خاصة أن المخلفات موجودة في الشارع ويمكن لأي
أحد البحث فيها وأخذ ما يشاء منها،سواء كان من المقيمين في الحجرات الملحقة بالأحواش أو غيرهم،وحينها لن ينفع أي
ندم بعد ضياع هذه العناصر التراثية.
بيان لوزارة السياحة والأثار عقب بدء هدم صحراء المماليك
وما يؤكد شكوكنا هذه البيان الذي أصدرته وزارة السياحة والأثار عقب بدء الهدم،حيث جاء فيه علي لسان الدكتور أسامة
طلعت رئيس قطاع الاثار الإسلامية والقبطية واليهودية أنه لم يحدث هدم لأي أثار بالمنطقة،والمقابر التي تم هدمها غير
مسجلة كأثار,ورغم ذلك فإن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار– والحديث مستمر لطلعت- وجه بتشكيل لجنة علمية فنية
لمعاينة الشواهد والأحجار التي تشتمل على نقوش زخرفية أو كتابية لتتم دراستها وبحث إمكانية عرض جزء منها ببعض
المتاحف كجزء من تراث مصر المتميز!!!،والفكرة هنا وهو سؤال نطرحه من جانبنا في الحدث 24:ما جدوي تشكيل اللجنة بعد
بدء الهدم بالفعل؟
ومن الأشياء التي وجدناها خلال جولتنا وألمتنا نفسيا عددا من عيون المقابر مفتوحة بشكل مؤلم وصادم لكل من يراها،ورغم
ذلك لم نجد أي مشهد حقيقي للصور التي تم تداولها علي أنها لهذه المقابر المهدومة وخارجها الجثث وبقايا الهياكل
العظمية،وإتضح لنا بعد البحث والسؤال أن الصور التي تم تداولها هي لمقابر عين الصيرة التي تمت إزالتها منذ عدة أشهر
وليست لمقابر منطقة صحراء المماليك،وهذا ليس دفاعا عن الهدم الحالي ولا نفيا لقسوة مشهد عيون المقابر المفتوحة,بقدر
ما هو توضيح لحقيقة الصور المتداولة،كما وجدنا بالفعل جدران بعض المقابر التي تبدو عليها ملامح التراث وكان الأفضل فحصها
قبل هدمها وفقدنا لها إذا ما إتضح أنها ذات قيمة بالفعل وكانت تستحق الحفاظ عليها.
أسئلة الرد عليها ضروري عما يحدث في صحراء المماليك
بعد إنتهاء جولتنا ثارت لدينا عدة أسئلة ضرورية ستوضح كثيرا من الحقائق إذا ما تمت الإجابة عليها من الجهات المختصة
والمسئولة عن التراث،ونطرحها من جانبنا بعد ما شاهدناه في جولتنا وسط المقابر المهدمة.
هل تم إخطار الجهات المسئولة عن الأثار والتراث بفترة كافية قبل الهدم؟
وذلك كي تبحث هل سيطال الهدم أي منشأة تابعة لكل جهة,وهذه الجهات هي ثلاث ممثلة في وزارة السياحة والأثار وجهاز
التنسيق الحضاري والمحافظة نفسها،حيث أن التراث والأثار في مصر محصور في 3 قوائم أساسية،الأولي أثار مسجلة رسميا
وتتبع وزارة السياحة والأثار,والمنشأت والمباني الغير مسجلة أثار لكنها تراثية وتحمل بعض المؤهلات الأثرية وهذه تسجل
ضمن قوائم التنسيق الحضاري،ومنشأت ومباني ذات طراز معماري متميز وهذه تسجل في قوائم موجودة لدي كل
محافظة,وهو ما يجعل المسئولية هنا تقع علي هذه الجهات الثلاث وليست واحدة دون أخري.
لماذا لم يتم الهدم علي مراحل زمنية ؟
وذلك بحيث تتاح الفرصة والوقت لأصحاب وذوي المقابر والمدفونين فيها لنقل الجثث والرفات بوقت كافي،كذلك بحث إمكانية
تفكيك ما سيتم هدمه من واجهات وجدران إذا كان قديما ويحمل عبق التراث والماضي ويستحق الإحتفاظ به،وذلك بالتعاون
مع الجهات المسئولة عن الأُثار والتراث,بحيث يقع أخف الضرر من الهدم وتحتفظ المقابر والأحواش بنفس شكلها بعد إعادة
بنائها ولو علي مساحة أقل،ولا يضيع ما يستحق منها إذا كان تراثا وذو قيمة.
هل أخطر جميع أصحاب المدافن والمقابر التي ستهدم قبل الهدم بفترة كافية؟
خاصة أننا وأثناء جولتنا وجدنا بعضا من أصحاب المقابر أثناء الهدم يسألون عن أي مسئول في عملية الهدم للإستفسار منه
عن ما يحدث خاصة أنهم فوجئوا بالهدم،كما وجدنا بعضا أخر غاضب من تجاوز الهدم للجزء الذي تم إخبارهم أنه ستتم إزالته
من المقابر,كما أن كثيرا من المقابر التي تم هدمها كان واضحا أنها ولفترة كبيرة لم تفتح وكانت في حاجة لمن يكون موجودا
علي الأقل ساعة الهدم من ذويها للمتابعة وغلق العيون علي الأقل التي ظهرت مفتوحة بعد الهدم.
نقاط مهمة وضرورية لفهم ماحدث في صحراء المماليك
ولكي نفهم أبعاد الأزمة بشكل أوضح،لا بد أن نعرف بعض النقاط المهمة،خاصة المتعلقة بقانون الآثار وما جاء فيه من بنود
تتعلق بالتعامل مع مناطق مثل صحراء المماليك وما بها،كذلك دور جهاز التنسيق الحضاري في المسئولية عن ما هو تراثي
وليس مسجلا رسميا في عداد الآثار.
@ مادة 20 من قانون الاثار .. يحظر اقامة منشأت او شق قنوات او اعداد طرق او الزراعة في المواقع او الاراضي الاثرية او
المنافع العامة للاثار او الاراضي الداخله ضمن حرم الاثر او خطوط التجميل المعتمدة،كما لا يجوز غرس اشجار او قطعها او رفع
انقاض او احجار او اخذ أتربة او اسمدة او رمال ، او القيام باي عمل يترتب عليه تغيير في معالم هذه المواقع…ويسري حكم
الفقرة السابقة علي الاراضي المتاخمة التي تقع خارج نطاق المواقع المشار إليها ، والتي تمتد حتي مسافة ثلاثة كيلو
مترات في المناطق غير الماهولة .. او للمسافة التي يحددها المجلس بما يحقق حماية بيئة الاثر
@ مادة 21 من قانون الاثار .. يجب عند تغيير تخطيط المدن او الاحياء او القري مراعاة مواقع الاثار والاراضي والمباني الاثرية
التي توجد بها .. ولا يجوز تنفيذ التخطيط المستحدث او التوسع او التعديل في المناطق الاثرية والتاريخة..الا بموافقة كتابية
من المجلس بذلك ، مع مراعاة حقوق الارتفاق التي يرتبها المجلس
@ حدود القاهرة التاريخية .. القاهرة التاريخية، الجبانة الشمالية (صحراء المماليك)، مسجلة علي قائمة التراث العالمي من
قبل وزارة السياحة والآثار و الجهاز القومي للتنسيق الحضاري،ويجب التنويه الي ان القاهرة التاريخية مسجلة كمدينة ونسيج
عمراني وليس كمباني منفصلة،ومنذ عدة سنوات قام التنسيق الحضاري بوضع حدود لمقابر الشخصيات التاريخية المصرية
وأقام معرضا توثيقيا لصور المقابر.
حلول ما قبل هدم صحراء المماليك
مصدر في الأثار كشف للحدث 24 أنه قبل بدء تنفيذ الهدم كانت هناك حلول منها تشكيل لجنة عليا من ممثلى الجهات
المعنية و خبراء التراث لدراسة مشروعات الانشاءات الكبرى والبنية التحتية للمدينة،وطرح بدائل لتنفيذها أكثر ملائمة للحفاظ
على القيمة العالمية الاستثنائية للقاهرة التاريخية،وكل مشروع يعرض على اللجان الفنية المختصة لدراسته و تنقيحه بما
يتلاءم مع طبيعة كل موقع و قيمته العالمية الاستثنائية ثم عرضه على السلطة المختصة للبدء فى التنفيذ
المصدر قال أن القوانين والتشريعات المنظمة موجودة واشتراطاتها،لكنها تحتاج إلي تنتظم فى ميثاق أو بروتوكول واحد للحفاظ
العمرانى على القاهرة التاريخية،بالتعاون مع المحافظة وجهاز التنسيق الحضارى ووزارة الإسكان ووزارة الأوقاف وهيئة الطرق
والكبارى ومصلحة الشهر العقارى وهيئة المساحة المصرية وغيرها من الجهات المعنية،ويمكن أن يكون ذلك اساس نبنى
عليه و نضع ملامح ميثاق موحد،ويتم اعتماده بعدها من رئيس مجلس الوزراء المصرى لإقراره والعمل به.
اقرأ أيضا| أنتيكخانة وجمالون وعربة الآلاي..حكاية مركبات الأسرة العلوية في متحف