>> طفيل المياه العذبة والمستنقعات ورد ذكره في بردية إيبرس وعلاجه أملاح الأنتيمون المعروفة باسم “الطرطير المقيء”
>> أخطر الأمراض الجلدية المعدية يصيب الجلد أو الأعصاب أو الاثنين معا،وربما كان هو المقصود في إحدى مخطوطات البردي
علاء الدين ظاهر
فى مصر القديمة اهتم المصريون القدماء جدا بالطب وبعلاج الأمراض،وهو ما نستعرضه في الحلقة الرابعة من سلسلة حلقات للإدارة المركزية للشئون العلمية والجرافيك والتدريب في الأثار من إعداد دينا طارق ومريم دانيال الأثريتين في الإدارة،وتأتي بعنوان” الأمراض المعدية والأوبئة حول العالم منذ أقدم العصور”
كان لدينا عدد كبير من الأطباء المعروفين في مصر القديمة منذ عصر الدولة القديمة أمثال إيموحتب وحسي رع، وعالج الأطباءالامراض وقاموا بعمل وصفات طبية مختلفة من المعادن والنباتات والمنتجات الحيوانية، وهناك عدد كبير من البرديات الطبية التي تتحدث عن ذلك لكن انتشار الوباء بشكل كبير لم يكن معروفا على نطاق واسع مثل حالنا هذه الأيام.
وإعتقد بعض المصريون سبب المرض على أنه نتيجة الخطيئة وان هذا عقاب من الإله أو أن المرض ناتج عن دخول قوة شريرة إلى الجسم وأن علاج المرض يكون من خلال تلاوة الطبيب الساحرتعاويذ سحرية واستخدام التمائم والتماثيل والوشم والتقرب من المعبودة سخمت القوية المسئولة عن الشفاء من الأمراض.
ومن خلال دراسات البرديات والدراسات الحديثة للمومياوات والبقايا الآدمية يتضح لنا بعض الامراض المعدية والأوبئة التى ظهرت فى مصر القديمة مثل:
الدرن”السل”.. حيث وجدت آثار تسوس السل في العمود الفقري بالكثير من المومياوات المصرية، من خلال تتبع نتائج تحاليل الأحماض النووية للكثير من المومياوات -التي يرجع بعضها إلى نحو أربعة آلاف عام قبل الميلاد-أظهرت للعلماء أن المرض فتك بالكثير من المصريين القدماء.
الجدري .. حيث لوحظ على ثلاث مومياوات المصرية ظهور بعض البثورعلى شكل الحويصلات الخاصة بالجدري وكانت سبب فى الوفاة وأقدم مومياء من الثلاثة كانت تعود لعام 1580 ق م وأحدثها كانت مومياء رمسيس الخامسعام 1145 ق.م..ربما بدأ ظهور الجدرى أثناء معركة قادش مع الحيثيين.
الملاريا .. حيث وجدت آثارها من خلال التحليل المناعى لعينات من مجموعة هياكل عظمية من مقابر أهرام الجيزة،وتشير الدراسات إلى إصابة ووفاة عدد كبير من سكان مدينة تل العمارنة بالمنيا وقتها بالمرض،حيث عثرعلى موتى دفنوا في منطقة شمالية من قبر العمارنة وتم تكديس العديد من الجثث فوق بعضها البعض وهو أمر غير معتاد،وربما المرض إنتشرعبر الغزوات العسكرية،وتشير نتائج تحليل الحمض النووي والمسح بالأشعة المقطعية لمومياء الملك توت عنخ آمون أنه توفي متأثرا بمضاعفات مرض الملاريا وأيضاً وفاة إحدى زوجات الملك رمسيس الثاني أحد ملوك الأسرة الـ19 لإصابتها بالمرض.
الطاعون .. ربما يكون هو المرض المسمى فى البرديات المصرية “نا نت عامو” أى المرض الأسيوى ولكن هذا غير مؤكد، وذكرت أيضاً جملة “رنبت إيادت” والتى نعنى عالم الوباء،كما أكتشف فريق البعثة الإيطالية بقيادة فرانشيسكو تيرادريتي إكتشافاً خاصاً فى الأقصر( طيبة الغربية) أثناء العمل فى المجموعة الجنائزية الخاصة بـ (حاروا، وأخمينرو) التى ترجع للقرن 7 ق.م_فى الفترة من (1997- 2012)_يدل على وجود وباء (الطاعون القبرصى) الذى إنتشر فى القرن 3 م الذي أودي بحياة أكثر من 5000 شخص في عاصمة الإمبراطورية الرومانية.
ووجد الباحثون تراكماً لبقايا بشرية محاطة بطبقة سميكة من الجير، حيث كان يستخدم الجير كمطهر،وثلاث أفران وبقايا فخار لإنتاج الجير، ترجع للقرن 3م،وشُعلة ضحمة تحوى بقايا بشرية حيث تم حرق العديد من ضحايا الطاعون، من أجل وقف انتشار عدوى المرض الذي أُطلق عليه إسم وباء «نهاية العالم».
التراخوم .. االخاص بعدوى العين ويسبب ظهور حبيبات في جفن العين ويعمل على تقليصه وبالتالي وصول رموش العين إلى القرنية ومع الوقت وحك المريض لعينه باستمرار قد يُصاب بالعمى، تم ذكره وفي أوراق البردي وأيضاً فى كتاب أبقراط حيث أنتشرت أمراض العيون وقتها نتيجة لجو مصر المعروف بوجود الرمال والأتربة القادمة من الصحراء بالإضافة إلى الكثير من البكتريا والطفيليات التيتأتى من مياه النيل وتنتقل إلى العين اثناء غشل الوجه.
البلهارسيا .. الطفيل الموجود في المياه العذبة والمستنقعات الذي، ورد ذكره في بردية إيبرس بإسم “عاع”، وتوصلوا لعلاج مناسب له باستخدام أملاح الأنتيمون الذي عرفت فيما بعد بالقرن الـ 19 باسم “الطرطير المقيء” في علاج البلهارسيا.
الجذام .. وهو أخطر الأمراض الجلدية المعدية، حيث يصيب الجلد أو الأعصاب أو الاثنين معا، ربما كان هو المقصود في إحدى مخطوطات البردي والتي ذكر فيها ” إذا وجدت ورماً كبيراُ فى أى جزء من جسدك وكان رهيباً وأحدث انتفاخا وظهر به شيء مثل الهواء (المقصود الفقاعات) إذاً يجب أن تعرف أنه ورم خنسو (إله من آلهة الفراعنة) ويجب ألا تفعل شئ بخصوصه”، ولكن هناك دراسة تقول إن تسجيل أول حالة رسمية لهذا المرض فيدفنه مسيحية في النوبة في القرن السادس الميلادي.
وللوقاية من الامراض ومواجهتها إهتم المصريون القدماء بالنظافة الشخصية والتى تشمل نظافة الجسد والإستحمام والتطهر ونظافة الشعر والملابس والمنازل وتطرقنا إلى هذا بالتفصيل فى حديثنا السابق عن عادات النظافة فى مصر القديمة ، وربما عرفوا التباعد الإجتماعى وأن السلام بالأيدى وسيلة لنقل الأمراض فمع الوقت أصبح السلام برفع اليد لأعلى فقط دون تلامس وهى التحية السائدة للمعبودات والملوك .
وعرفوا المطهرات والمعقمات مثل نترات البوتاسيوم وملح النطرون وإستخدموا أنواع مختلفة من البخور والنعناع بشكل كبير لحرقها لتقوم بالتطهير والتعقيم،ولم تكن الأماكن معقمة بالشكل الذى نعرفه الآن ولكنها كانت نظيفة حيث كانت نفايتهم أقل ومعظمها عضوية وقاموا بمنح بقايا الطعام للحيوانات والطيور، واستخدم بعضها في إشعال أفران طهو الطعام ،ودفن غير الصالحة في الرمال ، كما أنهم حرصوا على الإهتمام بالنظام الغذائى الصحى لتقوية جهازهم المناعى وتناولوا البصل والثوم والحمص والخس والاطعمة الغنية بفيتامين أ ، وتشير برديات من العصر الرومانى إلى إجراءات وقائية إتحذها كاهن المعبد الخاص بالربة سخمت لفحص اللحوم والمواشى والحماية من العدوى.