بعد 166عاما علي إغتياله في بنها..حكاية أكثر حكام الأسرة العلوية قسوة ومقتله علي يد مملوكين في قصره

تحل اليوم 13 يوليو ذكري إغتيال والي مصر عباس حلمي الأول في قصره في بنها”م1854/7/13″،وبهذه
المناسبة كشف لنا د.ولاء الدين بدوي مدير عام متحف قصر المنيل وأحد أبرز المتخصصين في تاريخ وأثار
الأسرة العلوية،حيث قال أن عباس باشا الأول”1 يوليو 1813 – 13 يوليو 1854″هو حاكم مصر بين عامي 1848
– 1854،وأحد حكام الأسرة العلوية التابعة اسميا للدولة العثمانية.
وتابع:ويعتبر البعض عهده عهد رجعية وقفت فيه حركة التقدم والنهضة التي ظهرت في عهد جده محمد علي
باشا،وهو ابن أحمد طوسون باشا بن محمد علي باشا،ولم يرث عن جده مواهبه وعبقريته ولم يشبه عمه
إبراهيم في عظمته وبطولته،بل كان قبل ولايته الحكم وبعد أن تولاه خاليا من المزايا والصفات التي تجعل منه
ملكًا عظيمًا يضطلع بأعباء الحكم ويسلك البلاد سبيل التقدم والنهضة.
اقرأ أيضا| أنتيكخانة وجمالون وعربة الآلاي..حكاية مركبات الأسرة العلوية في متحف
أين ولد عباس حلمي الأول
ولد بمدينة جدة عام 1813 ثم انتقل لاحقًا إلى القاهرة،وبذل جده محمد علي شيئا من العناية في تعويده ولاية
الحكم،إذ كان أكبر أفراد الأسرة العلوية سنًا وبالتالي أحقهم بولاية الحكم بعد عمه إبراهيم باشا، فعهد إليه
بالمناصب الإدارية والحربية،فتقلد من المناصب الإدارية منصب مدير الغربية ثم منصب الكتخدائية ويعادل رئيس
الوزراء،ولم يكن في إدارته مثالًا للحاكم البار بل كان له من التصرفات ما ينم عن القسوة،وكان يبلغ جده نبأ
بعض هذه التصرفات فينهاه عنها ويحذره من عواقبها ولكن طبيعته كانت تتغلب على نصائح جده وأوامره.
اقرأ أيضا| سر سعادة وزير السياحة والآثار بشعار السلامة الصحية في شرم الشيخ
اقرأ أيضا| متاحف جديدة وفنادق مخالفة وموكب المومياوات وأشياء أخرى..تفاصيل
اقرأ أيضا| أطباء الحضارة نجحوا بإمتياز في إختبار متحف المركبات الملكية .. صور
ومن الجهة الحربية اشترك مع عمه إبراهيم باشا في الحرب في الشام وقاد فيها إحدى الفيالق،لكنه لم يتميز
فيها بعمل يدل على البطولة أو الكفاءة ولم تكن له ميزة تلفت النظر،سوى أنه حفيد رجل أسس ملكًا كبيرًا
فصار إليه هذا الملك،فكان شأنه شأن الوارث لتركة ضخمة جمعها جده بكفاءته وحسن تدبيره،وكان عمه
إبراهيم باشا لا يرضيه منه سلوكه وميله إلى القسوة،وكثيرًا ما نقم عليه نزعته إلى إرهاق الآهلين،حتى
إضطره إلى الهجرة لمكان ولادته جدة وبقى هناك إلى أن داهم الموت عمه إبراهيم باشا.
توليه الحكم
وتولى عباس حلمي الأول الحكم لمدة خمس سنوات ونصفًا كان خلالها غريب الأطوار وشاذًا في حياته،وكثير
التطير وميل إلي القسوة وسيئ الظن بالناس،ولهذا كان كثير ما يأوي إلى العزلة بين جدران قصوره،وكان
يبنيها في الجهات الموغلة في الصحراء أو البعيدة عن الناس،وبني قصرًا بصحراء الريدانية التي تحولت إلى
العباسية أحد أشهر أحياء القاهرة وسميت بإسمه،وقد شاهد فرديناند دي لسبس هذا القصر سنة 1855 وذكر
أن نوافذه 2000 نافذة،كما بني قصرًا أخر نائيًا في الدار البيضاء على طريق السويس وأثاره باقية لليوم،كما
بني قصرًا في بنها على ضفاف النيل بعيدا عن المدينة وهو القصر الذي قتل فيه.
وقد أساء الظن بأفراد أسرته وبكثير من رجالات محمد علي باشا وإبراهيم باشا وخيل له الوهم أنهم يتآمرون
عليه،فأساء معاملتهم وخشي الكثير منهم على حياتهم فرحل بعضهم إلى الأستانة والبعض إلى أوروبا خوفًا
من بطشه،وحاول قتل عمته”الأميرة نازلي هانم”واشتدت العداوة بينهما حتى هاجرت إلى الأستانة خوفًا من
بطشه،وقد سعي لأن يغير نظام وراثة العرش ليجعل إبنه إبراهيم إلهامي باشا خليفته في الحكم بدلًا من عمه
محمد سعيد باشا،لكنه لم يفلح في مسعاه ونقم على عمه سعيد الذي كان بحكم سنه وليًا للعهد واتهمه
بالتآمر عليه،واشتدت بينهم العداوة حتى أضطره إن يلزم الإسكندرية وأقام هناك بسراي القباري.
وانتشرت الجاسوسية في عهده انتشارًا مخيفًا وصار لا يأمن على نفسه من صاحبه وصديقه، وكان من يغضب
عليه ينفيه إلى السودان ويصادر أملاكه،وكان مولعًا بركوب الخيل والهجن ويقطع بها مسافات بعيدة في
الصحراء،وكان مولعا أيضا باقتناء الخيول التي كان يجلبها من مختلف البلاد ويعني بتربيتها عناية كبرى،وبني لها
الاصطبلات الضخمة وأنفق عليها بسخاء شأنه شأن هواة الخيل،ويختلف عهد عباس عن عصر محمد علي،حيث
تراجعت حركة النهضة والتقدم في عهد عباس.
الاستغناء عن الخبراء الفرنسيين
وعكس ما كان محمد على يستعين بذوي العلم والخبرة من الفرنسيين في مشاريع الإصلاح,كان عباس لا يفكر
في ذلك وأقصى معظم هؤلاء الخبراء وإستغني عنهم,وكان سبب تحامل كثير من المؤرخين الفرنسيين على
عباس تضاؤل النفوذ الفرنسي في عهده,فيما بدأ النفوذ الإنجليزي في عهده علي يد”مري”القنصل البريطاني
في مصر حينها،فقد كان له تأثير كبير عليه وله عنده كلمة مسموعة.
وعن مقتله هناك روايتين ذكرت في كتب بعض المؤرخين والكتاب وهم عبد الرحمن الرافعي في كتابه “عصر
إسماعيل ج1″،وإسماعيل باشا سرهنك في كتابه”حقائق الأخبار عن دول البحار.. الجزء الثاني”،وأولمب إداور
في كتابها”كشف الستار عن أسرار مصر”،والأولي أن عباس كانت له حاشية من المماليك يقربهم إليه
ويصطفيهم ويغدق عليهم بالرتب العسكرية العالية على غير كفاءة يستحقونها،وبسبب وشاية من كبير غلمانه
يسمى”خليل درويش بك”أمر عباس بجلدهم وجردوا من ثيابهم العسكرية، وأرسلهم إلى اصطبلات لخدمة
الخيل،وبعد سعي مصطفى باشا أمين خزانة عباس,أصدر أمرا بالعفو عنهم وردهم لمناصبهم وحضروا إليه
لشكره لكنهم كانوا يضمرون الفتك به انتقاما منه،وإتفقوا مع غلامين من خدم السراي واتفق الجميع على قتله
وهو نائم
والرواية الثانية تقول أن الأميرة نازلي هانم عمة عباس هي من تأمرت عليه وهي في الاستانة، وكلفت
مملوكين من أتباعها لقتله عن طريق عرض نفسهيما في سوق الرقيق بالقاهرة ليشتريهما عباس ويدخلهما
في خدمته بسراي بنها وهو ما حدث بالفعل،وأعجب بهما عباس وعهد إليهما بحراسته ليلا،وفي أحد الأيام وبعد
نوم عباس انقض عليه المملوكين وقتلاه ونزلا إلى اصطبلات الخيل الملحقة بالسراي،وإستقلا جوادين وفرا
بهما إلى القاهرة ومنها إلى الآستانة.