قد تمر علي هذا المبني وتراه مجرد شيئ قديم ربما لا قيمة له،وذلك من فرط مظاهر الإهمال الواضحة عليه تماما،لكنك ستغير وجهة نظرك تماماً عندما تكمل القراءة هنا،لتعرف معنا قصة أحد المباني التاريخية المهمة في مدن القناة،وربما تصاب بدهشة عندما تعرف أنه عبارة عن مكتب بريد تحول إلى كباريه قبل عشرات السنين في بورسعيد.
القصة تدور حول مبنى البريد”البوستة الفرنسية”،وصاحبها الذي رواها لنا الدكتور أحمد رجب مفتش الأثار والمتخصص في تراث وتاريخ مدن القناة،والذي كشف كثيراً من الحكايات التاريخية المثيرة عن منشآت مماثلة في دراسة أجراها وحصل بها علي الدكتوراة بإمتياز مع مرتبة الشرف الأولي بعنوان”منشآت الجاليات الأجنبية بمدينتى الإسماعيلية وبورسعيد فى عصر الأسرة العلوية (1220-1372هـ/1805-1952م) دراسة آثارية معمارية فنية”.
قال رجب:يقع المبنى بمدينة بورسعيد بنطاق حى الشرق”حى الإفرنج”بشارع صفية زغلول”شارع اوجينى سابقا”،ويرجع تاريخ إنشاء مبنى البريد الفرنسى إلى عام 1867م/1284هـ، أى قبيل إفتاح القناة للملاحة بعامين تقريبا،وشيده الخواجة جان باتست بيير وكان فرنسى الجنسية،ويذكر المؤرخ اليونانى ديمتريوس خالدبيس فى كتابه”ذكريات و احداث فى بورسعيد”وتحديداً في صفحة 129 أنه عند إفتتاح قناة السويس اقيم حفل كبير بهذه المناسبة العظيمة في مبنى البريد”البوستة الفرنسية”،وظل المبنى يستخدم كمكتب بريد و مقر لإقامة مدير البوستة انطوان جريما.
المفاجأة والإثارة كانت في تحول المبني في وقت ما إلى كباريه!!نعم كباريه كما جاء فى وثائق دار المحفوظات طبقا لما قاله الدكتور أحمد رجب،وتحديدا فى 9 اكتوبر سنة 1943م بعد ان بيع إلى سيدة فرنسية تدعى تريزا جوزيف رومانو.
وتابع رجب قائلاً:وقد اثار هذا المصطلح حفيظة لجنة الحكم و المناقشة أثناء مناقشتى لرسالة الماجستير،وكان موقفاً مضحكا للحضور،وكان ردى أن هذا المصطلح هو ما جاء بالوثيقة فلا لوم عليا،ومر الموقف بضحكات لجنة الحكم و المناقشة.
أما عن سبب إنشاء مبنى البريد بمدينة بورسعيد،قال:
كان لموقع مدينة بورسعيد عند المدخل الشمالى لقناة السويس التى تربط شرق العالم بغربه، و توافد اعداد كبيرة من الجاليات الاجنبية سواء للإقامة او للعمل فى مشروع حفر القناة، كذلك تردد اعداد كبيرة من البحارة الاجانب عند دخول السفن ميناء بورسعيد للقيام بأعمال الشحن او التفريغ، اصبح هناك الحاجة لوجود مكتب بريد قريب من الميناء ليكون همزة الوصل بين هؤلاء الاجانب و ذويهم
وأضاف:المبنى باقي حتى يومنا هذا وقد إنتقلت ملكيته إلى أحد رجال الأعمال، و يعد من أهم المباني التراثية المميزة و تم إدارجه فى قائمة المبانى ذات الطراز المعمارى المميز،إلا انه مغلق ويعانى الإهمال والشروخ الواضحة بالواجهات و سقوط بعض الأجزاء،فهل سيتم ترميم و إحياء المبنى للحفاظ على ماتبقى من تراث المدينة ام ستناله معاول الهدم؟.
علاء الدين ظاهر