مقالات

د. سمية أبو الفتوح تكتب: غياب العقل والتفكير مع تقنيات الذكاء الاصطناعى

العقل من أعظم النعم التى أنعم الله بها على الإنسان، فقد ميز الله البشر عن سائر المخلوقات بهذه الهبة الفريدة، وجعلها أداة الإدراك والفهم والتمييز، وقد ورد في القرآن الكريم تأكيد على مكانة العقل، كما فى قوله تعالى في سورة الانبياء:
“لقد أنزلنا إليكم كتابًا فيه ذكركم أفلا تعقلون”
هذا الخطاب الإلهى يؤكد أهمية العقل ومكانته في حياة الإنسان، فهو وسيلتنا لفهم العالم من حولنا، واتخاذ القرارات، وحل المشكلات، وبناء الخبرات، وصقل الشخصية، وتشكيل السلوك.

العقل أيضا يساعد الإنسان في بناء الشخصية وتشكيل السلوك، وتحقيق الاهداف والوصول الى النجاح، وإتاحة الفرصة على الابتكار والحلول الجديدة المبدعة والتفكير خارج الصندوق وأيضا جعل الانسان يميز بين الخير والشر وفهم الأشخاص وسلوكياتهم.

ورغم ان العقل هو المحرك الاساسي للتطور الحضارى.. ولكن مع تطور العصر وظهور التكنولوجيا الحديثة أصبح للعقل منافس جديد وهو الذكاء الاصطناعى، ومن أبرز هذه التقنيات (شات جى بي تي)chat Gpt وهى تقنية حديثة قادرة على محاكاة العقل البشرى وتقديم معلومات دقيقة، وحلول لمشكلات معقدة، والمساهمة فى مجالات التعليم والصحة والفنون والدعم النفسى والاجتماعى.

ورغم مزايا هذه التقنية، إلا أن الاعتماد عليها بشكل كبير يثير مخاوف حقيقية، حيث
إن الاستعانة المستمرة بـ ChatGPT يؤدى إلى تراجع التفكير والمهارات والقدرات الإبداعية، خاصة لدى الطلاب والباحثين.

فقد بدأ البعض يتخلى عن الكتب والمراجع، مفضلا الطرق السريعة في الحصول على المعلومات، مما يهدد جودة البحث العلمي ويضعف روح الاجتهاد.

والأمر لا يتوقف عند الكبار، بل يمتد أيضا إلى الأطفال الذين باتوا يعتمدون على هذه التقنيات، ما قد يؤثر سلبا على تطور عقولهم، ويضعف قدرتهم على الابتكار والتفكير المستقل.

في النهاية، علينا أن ندرك أن العقل البشري لا يقدر بثمن، وأن أدوات الذكاء الاصطناعى، مهما بلغت من تطور، يجب أن تبقى وسيلة مساعدة لا بديلة، فحين يتوقف العقل عن العمل، نخسر أعظم ما نملكه وهو القدرة على التفكير والإبداع.