سلايدرمقالات

د. سامى سلامة يكتب : الحب وسنينه

بفتوى من الازهر.. وبنص الحديث:«مَنْ عَشِقَ.. فَعَفَّ.. فَكَتَمَ.. فَمَاتَ.. مَاتَ شَهِيدًا».. اذن ..فنحن شهداء .. شهداء.. ما فيش كلام..

لطالما كنت استحي الخوض في رأي الدين في موضوع ( الحب) .. خاصة الحب الشريف العفيف بين الجنسين.. حب اول نظره كما يطلقون عليه.. . ذاك الحب المفعم بالعطاء والفداء وتقديم مصلحة الحبيب على مصلحة المحب ذاته.. كنت أخشى ان يتعارض الحب والعواطف الجارفة.. مع مفهوم الاستقامه والتدين والتمسك بتعاليم الدين .. وأخاف ان يكون المحب قد ارتكب جرما اذا ما احب بعنف او عشق بعفة.. او على الاقل.. ان يدرج فعله تحت طائلة الوقوع في اللمم والموبيقات.. ومن اكثر الدوافع التي كانت تدفعني لمداراة تلك العاطفه، هو اعتقادي الذي يرقى الى درجة اليقين بان الحب ما هو الا ضعف وتصدع في شموخ الرجل وعزته بنفسه وكبرياءه وتمسكه بكرامته.. رغم كل ما يقال عن نبل الحب وتسامي المحبين..
ورغم واسع اطلاعي وحبي للتقصي وسبر دهاليز الخفايا وما وراء المجهول.. الا اني كنت اتجنب السعي لمعرفة جواب ذاك السؤال الاذلى: هل الحب حرام ام حلال؟.. لخوفي ان يكون الحب بالفعل محرما او مجرما، او على الاقل يحط من مكانة المحب وشأنه؛ كونه ضعف واستكانه ومس من الوله والعشق.. ولقناعتي بأن الحب قدر مكتوب، ليس منه هروب، وليس للمحب حيلة في أمره إذا ما اراد تجنبه او درء شره بعيدا عنه، لعجزه وقلة حيلته، مدفوعا بحراك رغباته الدفينة وجنوح جوارحه..

لذلك…
اليوم ..لأول مرة اعلم بهذا الحديث، وانه حديث مروي عن رسول المحبة الذي قال: «مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ فَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا»..

وللامانه العلمية.. راجعت سند هذا الحديث وصحته.. ووجدت انه قد ورد في اسناده اراء كثيرة.. منهم من قال حديث موضوع ومنهم من ضعفه ومنهم من صححه.. ولكن الغالبية العظمى من رواة الحديث اجمعوا على ان ما ورد في الحديث _ وان كان ضعيفا_ من معاني نبيلة تتوافق مع صحيح الدين ونهجه.. من الدعوة الى التمسك بالعفة وحفظ الفرج واللسان.. وهذا يتطابق مع ما جاء به في الحديث الصحيح.. ” مَنْ ضَمِنَ لي ما بينَ لَحْيَيْهِ ورجليهِ ضَمِنْتُ لهُ الجنَّة “ ..

على كلا.. هناك اعتراف ضمني بصعوبة موقف المحب، وعدم قدرته على دفع هذا الابتلاء بعيدا عنه.. أي نعم.. انه بلاء وابتلاء، فقط على الصادق في حبه، ومن تنطبق عليه المواصفات التي يدعو لها الشرع: بالعفة والتمسك بمكارم الاخلاق.. حتى يكون المحب بالفعل صادقا؛ محبا؛ معفا في حبه، كاتما لما يختلج في صدره من عواطف وشجون، مهما كانت عنيفه في حرقتها ومؤلمة في وقعها، دون تجريح او تشهير بالحبيب، وان يكون المحب صادق الوعد مع من يحب؛ محافظا على سمعته وشرفه وسيرته بين الناس حتى مماته، لينال جزاء العاشقين، بأن يجعله الله شهيدا من ضمن الشهداء، ويحشره بصحبة الصابرين القانتين، وتلك منزلة رفيعه للمحبين الملتزمين.. ولا ينطبق هذا الحديث على المنافقين في حبهم.. المرائين.. الدجالين.. المغالطين.. الساعين لتحقيق مكاسب من وراء ايهام الاخرين بصدق مشاعرهم الكاذبه.. ولا يكترثون لما قد يسببونه لهم من جرح وانكسار..

واليكم رأي دار الافتاء الشرعي في الحب والمحبين.. مع البحث عن صحة الحديث الوارد في المقال:

######

هل الحُب حرام؟.. أثبتت «الإفتاء» أهمية الحُب، إذ قالت إن معاذ بن جبل رضي الله عنه نقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ»، كما أن المسلم محب لكل خلق الله تعالى، يرى الجمال أينما كان، ويعمل على نشر الحب حيثما حلَّ، فهو رحمة للناس يحسن إليهم ويرفق بهم ويتمنى الخير لهم.

فليس الحب حرامًا في أي حال من الأحوال، جعل الله الزواج هو باب الحلال في العلاقة والحب بين الجنسين، فمن ابتُلي بشيء من ذلك فليكتمه إن لم يستطع الزواج بمن يحب؛ لما ورد في الحديث: «مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ فَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا».

###########

وبعد ان علمنا صحيح الفتوى.. بالتأكيد هناك الكثيرون الذين ستنتابهم حيرة بالغة.. ويأخذهم الفضول البغيض.. يتمنون.. لو انهم يعلمون.. ماذا وراء كتابتي لهذا المقال؟ وهل انا كنت من المحبيبن بالفعل؟ وهل احببت يوما من الايام؟..

الاجابه: يوووووووه…
قياسا على ما سبق.. سأكون انا حامل راية فيلق المحبين, والالفا.. الخبير العليم بدروب العشق والعاشقين، وسأكون انا امام هؤلاء العصبة من الشهداء، اذا ما دعي عفيفهم وصادقهم للامامة..
اما للاجابة عن السؤال الذي يجول بخاطر الجميع، ويتهامسون به، يتسائلون: حبيبتي .. من تكون؟ .. حبيبتي .. من تكون؟..
اقول لهم: دعونا نتمها على خير.. السنوات الباقيات من العمر.. لنكتم ونعف ونحافظ على الوعد.. بان نخفي اسمها عن العالمين.. كما قال نزار قباني: لا تخافي.. يا حبيبتي.. ولا تحزني…

هناك رواية بديعة.. كتبتها.. منذ سنوات.. تحمل عنوان.. (زفاف في الجنة).. تبشر المحبين .. الصابرين.. المحرومين من اللقيا في الدنيا.. بلقيا وشيكة في الجنة.. حتما.. وزفاف اسطوري.. في حضور لفيف من الملائكة وجموع الطيبين.. حيث لا وجود للعيب ولا للعرف ولا للفوارق الطبقيه.. كل محب سيفوز يوما بمن احب.. حتما .. دون قيود ولا شروط.. ولا تهامسات وغمزات المتربصين من البشر… استشفيت هذا من مدة طويلة، وقبل ان يصل الى سمعي الحديث الشريف.. طول عمري مكشوف عني الحجاب الظاهر.. كأن قلبي حاسس..

هنيئا لمن فاز بمن يحب في الدنيا .. وصبرا لمن صدق الوعد .. الى حين اللقيا في الاخرة، لترفلا سويا في الجنة… يد بيد..

لطالما دعوت لزوجتي بان يجمعنا الله سويا في الجنة.. دعوة أرددها كثيرا في صلاتي ومناجاتي.. وأذكر.. اننا اختلفنا سويا في يوم من الايام.. عز عليا.. وفي صلاتي .. اردت ان افش غلى.. فدعوت وقلت: اللهم ادخلنى وزوجتى الجنه سويا.. وبعدها كل واحد مننا يبقى يروح لحال سبيله.. وبعد مرور كم يوم.. اصطفينا ورجعت المياه لمجاريها، وحين اخبرتها بما كان مني، زعلت.. وحزنت.. اذاي اتخلى عنها في الجنة.. ثم قالت بصوت الانثى الحازم: والله لاجيبك مهما بعدت، اماني اهل الجنة اوامر تنفذ، هاجيبك يعني هاجيبك…

اذن… ما فيش مهرب ولا بد ولا مفر.. سويا يارب.