حيدر خضير الروبيعي يكتب: (الاعارة والتأجير)
“الإعارة والتأجير” عبارة قد تبدو مألوفة في لغة الرياضة، ولكنها لا تبدو كذلك إذا كان الحديث يدور في إطار الحروب، فهل يمكن أن تعير دولة ما أسلحتها أو تؤجرها لدولة أخرى؟ ربما.. ولكن ماذا لو خسرت الأخيرة كل أو بعضٍ من هذه الأسلحة خلال المعارك؟ وماذا لو اتسعت أو استمرت الحرب لأجل غير مسمى؟
سؤال ربما يطرح نفسه بعد أن أقر مجلس النواب الأمريكي مساعدة لأوكرانيا، وصفت بأنها الأضخم (40 مليار دولار) حيث تعادل الناتج المحلي لبعض الدول كالكاميرون، وذلك بعد أن وقع الرئيس الأمريكي “جو بايدن” على تشريع يسمح للولايات المتحدة الأمريكية بإعادة تفعيل استخدام قانون يطلق عليه قانون “الإعارة والتأجير”، ما يعني أن واشنطن ستزود أوكرانيا بما تحتاجه من أسلحة بالقيمة المشار إليها ولكن على سبيل الإعارة والتأجير، بموجب النسخة الأحدث من القانون “الإعارة والتأجير للدفاع عن الديمقراطية في أوكرانيا لعام 2022”!
وبالطبع مع هذا العنوان الجذاب لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لمناقشة القانون وإقراره، باعتبار أنه قانون: (جاهز، مكتمل، مجرب) -وربما- “وشه حلو”، ولا ينقصه سوى وضع الرقم المراد ومن ثم الانطلاق لتحقيق أهدافه، خاصة بعد أن حذر “بايدن” من أن الميزانية المخصصة لمساعدة أوكرانيا في مواجهة روسيا معرضة للنفاد خلال أيام، مطالباً بنحو 33 مليار دولار، ولكن الكونجرس ربما كان أكثر سخاءً من الإدارة الأمريكية وأضاف المليارات السبع، مع تشجيع الشركات على إعادة تزويد الدول الشريكة بالإمدادات بسرعة واجتياز العقبات البيروقراطية!
وقد لا يبدو الأمر غريباً، فقد سبق وأن استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية نفس هذا القانون “التاريخي” الذي أطلقه الرئيس الأمريكي السابق “فرانكلين روزفلت” عام 1941، خلال محاولة التصدي للتوسع الألماني أثناء الحرب العالمية الثانية، وذلك بتسليح القوات البريطانية بموجب “الإعارة والتأجير” للتصدي للزحف الهتلري، وهو ما منح الرئيس الأمريكي الصلاحية لإعارة وتأجير الأسلحة لأي حكومة أجنبية يعتبر -الرئيس- أن الدفاع عنها أمراً حيوياً للدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم فقد ساعد القانون آنذاك في انتصار الحلفاء والولايات المتحدة الأمريكية التي كانت في حالة حرب معلنة وواضحة، ولكن واشنطن في الصراع الروسي-الأوكراني الدائر الآن ليست كذلك، حيث تبدو كشبحٍ في خلفية المشهد، لا تحارب بشكل معلن ولكن أثرها واضح ومتحكم وفعال!
وبالعودة إلى مسلسل الأسئلة التي قد لا تنتهي ببساطة، ترى كيف ستدفع أوكرانيا مقابل تلك “الإعارة” أو “التأجير” لواشنطن، خاصة وأن أوكرانيا من الناحية الاقتصادية لا تبدو مثلاً كبريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية؟ فماذا ستقدم إذن؟ وماذا لو نفذت المليارات المخصصة دون أن يتحقق الهدف المعلن للولايات المتحدة الأمريكية متمثلاً في إضعاف روسيا مروراً بإفشالها في أوكرانيا؟ وماذا لو استمرت الحرب أو تطورت؟ أسئلة مشروعة ولكن إجاباتها لا تبدو كذلك!