باحثة تكشف خبايا برديات مصرية عن حسن وسوء الطالع قبل آلاف السنين
حظك اليوم كان ولا زال بابا ثابتاً في كثير من الجرائد الورقية،وكان له جمهوراً كبيراً من المصريين،الذين يؤمن قطاع كبير منهم
بفكرة الحظ والنحس وارتباطه بحوادث قد تصادف صاحبها،الا أنه يتم ربطها بالحظ.
هذه الفكرة ليست وليدة وقت معين بل هي بمثابة ميراث منذ آلاف السنين،وهي الفكرة التي نجحت الباحثة المتميزة آيات
حسيب رئيس قسم التسجيل والتوثيق بالمتحف المصري الكبير في تتبعها ودراستها دراسة علمية مستفيضة،مما جعلها
تستحق نيل درجة الدكتوراة بإمتياز مع مرتبة الشرف من كلية آثار جامعة القاهرة.
الباحثة جاءت دراستها بعنوان”المفهوم العقائدي والإجتماعي لأيام الحظ والنحس في النصوص المصرية خلال عصر الدولة
الحديثة”دراسة لغوية مقارنة”،حيث سجل المصري القديم علي جدران المعابد نصوصاً كثيرة تتحدث عن الأعياد والاحتفالات
الدينية المختلفة لمعبوداته وتواريخ الاحتفال بها وبعض أحداثها وهو ما يعرف باسم (قوائم الأعياد”، وكان تسجليها منذ عصر
الدولة القديمة وحتى العصرين اليوناني والروماني .
واعتقد المصري القديم أن المعبود(رع) هو الذي شرع بالاحتفال بالأعياد منذ قديم الأزل،وكان يتوجب علي المصري القديم
الاحتفال بأعياد الآلهة المختلفة في مواعدها المحددة وذلك للعمل علي استرضائها والاعتراف بجميلها علي البلاد في
المحافظة عليها واستقراره والحفاظ علي النظام الكوني .
وكان جزاء أو عاقبة عدم الاحتفال بأعياد الآلهة في المواعيد المحددة في التقاويم غضب المعبودات علي البشر،وفقدان الأمن
والاستقرار في البلاد كلها واضطرابها،والحرمان من كل نعم المعبودات،لذلك كان يتوجب علي المصري القديم الاحتفال بأعياد
آلهته في مواعيدها المحددة في التقاويم المصرية القديمة.
وكانت هذه التقاويم هي ” تقاويم أيام السعد والنحس” التي كانت تذكر أيام السعد التي يتم الاحتفال فيها بأعياد المعبودات
وتقديم القرابين لها وغيرها من الأشياء التي يتوجب فعلها بها، وأيام النحس التي يجب تجنبها.
حيث تحدث عدد لا بأس به من البرديات والاوستراكا عن تقويم أيام الحظ والنحس،وأقدم هذه البرديات يرجع إلي الأسرة الثانية
عشر من عصر الدولة الوسطي عثر عليها في أطلال مدينة كاهون، والنص في حالة سيئة جدا، ويحتوي علي عمود يضم
ثلاثين يوما من شهر لم يذكر اسمه، ووضع إلي جانب كل منها كلمة”حسن” أو “سيء”.
ومن عصر الدولة الحديثة استفاضت البرديات والاستراكا في الحديث عن مثل هذه التقاويم،وأهم البرديات التي تتحدث عن
تقويم أيام الحظ والنحس هي بردية المتحف المصري (برقم 86637) التي تعود للعام التاسع من حكم الملك رمسيس الثاني،
واحتوت علي العديد من أيام الحظ والنحس التي قسمت حسب أيام السنة وشهورها.
وهي تعتبر من أكثر التقاويم اكتمالا، وعثر عليها في البداية ملفوفة، وهذه البردية نقلت إلي المتحف المصري الكبير بميدان
الرماية بالجيزة لاستكمال أعمال الترميم فيها، بالإضافة لبرديةSallier IV (بالمتحف البريطاني برقم10184)، والبردية متهالكة
في بعض أجزاء منها، كما أن هناك بعض التصحيحات الواردة في النص الهيراطيقي، وترجع البردية للعام 56 من حكم الملك
رمسيس الثاني.