لن أتطرق في هذا المقال إلى وجود المثلية الجنسية وشكلها الحالي ، ذلك أنها لازالت محل خلاف عظيم بين علماء النفس ان كانت محض سلوك مجرد أو اضطراب ! كما أن تقنينها في كثير من الدول سمح بوجودها كرفاهية اختيار لكثير من الناس ! لكن الأكيد أنها نتاج معقد من عوامل بيئية وتنشئية وبيولوجية ونفسية وجينية عند كافة المثليين !
لكني سأتطرق لأمر أراه أكثر أهمية وهو كيفية حماية أطفالنا من هذا التشوه الفطري ،، وكيف يمكن لأخطائنا غير المقصودة أن تساهم في تشكل هذا الاضطراب لديهم في المستقبل !
لابد لنا أن نعرف أن مرحلة تكوين الهوية الجنسية يبدأ في سن مبكر جدا من سن العام والنصف وحتى العام الثالث من عمر الطفل ،، في هذه المرحله من الطبيعي أن ينفصل الطفل الذكر نفسيا عن أمه ويبدأ في الاتصال بالأب ،، وغياب الأب فعليا أو وظيفيا في مرحلة حساسة كهذه من حياة الطفل ينتج عنه نوع من اضطراب الهوية الجنسية للطفل ،، حيث يصل للطفل رسالة بأن الذكورة قيمة مهددة وبأن العالم مكان غير آمن ،، يتوقف الطفل بعدها عن محاولات الاتصال بالأب فيما يعرف ب” الانفصال الدفاعي ” ويلجأ للأم فيما يعرف ب” الاتصال الدفاعي ” ومن النتائج المتوقعة لاضطراب كهذا أن يميل هذا الطفل ما إن يصل لمرحلة المراهقة عاطفيا لأي مشاعر آمنة من نفس جنسه لتعويض هذا النقص العاطفي الناتج عن خذلان الأب العاطفي له !
وفي السن من أربع وحتى ست سنوات من عمر الطفل من الطبيعي أن يمر بمرحلة الميل العاطفي المثلي ،، في هذه الفتره يكتشف الطفل بني أبناء جنسه ويشعر بالانتماء ناحيتهم والرغبة في التواصل معهم وتكوين خبراته ،، إشباع هذه الفترة بطريقة صحيحة من توفير مناخ آمن للطفل للتواصل مع أطفال من نفس السن والجنس يضمن له انتقالا سلسا للمرحلة التي تليها وهي ” الميل العاطفي الغيري ” والتي يختبر فيها الطفل ” حب الطفولة ” والذي يكون مجردا من الدوافع الجنسية الواعية !
أنماط الأبوة المسيئة التي تشكل بدورها عاملا كبيرا متعددة ومن أمثلتها الأب غير الناضج وغير المتواجد فعليا أو وجدانيا ،،، وكذلك الأب النرجسي الذي يكون حبه لنفسه أكبر من بكثير من حبه لأبنائه ،، كذلك الأب المسئ الذي يسئ لابنه جسديا أو لفظيا بعبارات عامة مسيئة للذكورة مثل ” انت ابن ماما أو دلوعة ماما ” !
أنماط الأم المسيئة كثيرة أيضا ومتعددة مثل الأمومة المبكرة غير الناضجة ، والأم غير الفعالة ( شخص آخر يقوم بوظيفتها جدة أو مربية ) ، الأم المسيطرة أو المتحكمة والتي تقهر الذكورة الناشئة في أبنائها !
والأم الاعتمادية والتي تلغي استقلال الطفل عنها وتلغي الحدود الجنسية التي بينهم سواء بصورة عفوية أو متعمدة ،، وكذلك الأم النرجسية !
جدير بالذكر أن نسبا كبيرة من المثليين سبق لهم أن تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال الاعتداء الجنسي في فترة الطفولة الأمر الذي يشوه خبراتهم الأولى ومشاعرهم ويفقدهم جزءا كبيرا من الثقة في أنفسهم وفي العالم ،، ويتحول فيما بعد لتشوه العاطفي وللإحساس بالدونية !!
الحب والقبول غير المشروط والأبوة الآمنة و وجود مساحة من الحرية للطفل ،، والعلاقة الروحانية المتزنة مع الله عن طريق الحرص على توصيل رسائل صحيحة ومعتدلة عن الإله كلها عوامل مهمة أيضا لحماية الطفل من اضطراب الهوية الجنسية !!
أخيرا أحب التنويه لوجود علاج نفسي وسلوكي لاضطراب الهوية الجنسية وللمثلية شريطة أن يكون الشخص نفسه راغبا في العلاج