منوعات

قصر أثري ترتبط به أحلام كل تلاميذ مصر..حكاية تاريخية تعرف عليها

» أحد القصور الرائعة التى قاومت الزمن والاندثار ليصل إلينا كشاهد على زمن الطرز المعمارية الجميلة

علاء الدين ظاهر

اذا قادتك قدماك في يوم ما إلي ركوب المترو ونزلت في محطة سعد زغلول،فربما عند خروجك من المحطة تمر علي هذا

المبني الذي تتجه إليه أنظار أغلب الأسر المصرية طوال العام حيث يرتبط مصير أبنائهم به،انه مبني وزارة التربية والتعليم .

المقدمة السابقة ليست تمهيداً لأي حديث عن التعليم ومشاكله،لكنه فقط للفت الإنتباه الي كونه مبني أثري له رصيد كبير

من التاريخ،لان هذا المبني ببساطة هو قصر فائقة هانم،وهو واحد من القصور الرائعة التى قاومت الزمن والشيخوخة والزلازل

والاندثار ليصل إلينا كشاهد على زمن المبانى والطرز المعمارية الجميلة،وشاهد على حقبة هامة من تاريخ مصر وهى فترة

حكم الخديوى إسماعيل.

اقرأ أيضا| أنتيكخانة وجمالون وعربة الآلاي..حكاية مركبات الأسرة العلوية في متحف

صاحبة مبني وزارة التربية والتعليم

 

وطبقا للمعلومات والمادة العلمية التي حصلنا عليها من إدارة تفاتيش وحفائر القاهرة والجيزة،فإن صاحبة القصر هى ابنة

الخديوى بالتبنى،من أجل الحفاظ على هذا الأثر الهام كان قرار اللجنة الدائمة للآثار الاسلامية ليكون فى حماية قانون الآثار،

وقصر الأميرة فائقة يحمل رقم 12 بشارع الفلكى بالقاهرة،وهو عنوان يعرفه الكثير من المصريين فهو مبنى وزارة التربية والتعليم

التى تشغل القصر حاليا،ومن قبلها نظارة المعارف التى استأجرته عام 1931 ليكون مقراً لها.

و يرجع تاريخه لعام 1874 عندما أمر الخديو إسماعيل بإنشائه لابنته المتبناه «فائقة» لتقيم فيه،وذلك عندما تزوجت من

مصطفى باشا ابن إسماعيل المفتش، فجاء تحفة معمارية رائعة سواء فى الشكل الخارجى أو الداخلى،حيث عرف عن هذا

الخديو حبه للإنشاء والتعمير منذ تولى الحكم عام 1863، فقد أنشأ العديد من الأحياء ومنها حى الإسماعيلية الذى يُعرف

حالياً بمنطقة وسط البلد الذى كان عبارة عن برك ومستنقعات وتلال من التراب والرمال.

 
 

تجهيز موقع بناء مبني وزارة التربية والتعليم

فتم ردم البرك وبدأ تنظيم المنطقة فخطط شوارعها وأنشأ بها الميادين مثل ميدان التحرير الذى كان يطلق عليه ميدان

الإسماعيلية وأضاءها بالغاز واستقدم كبار المهندسين والفنانين من فرنسا وإيطاليا لإنشاء العمائر المختلفة من قصور وأسبلة

ومساجد ومنازل على أحدث الطرز المعمارية فأصبحت تحفاً تنطق بالجمال والروعة وأصبحت القاهرة فى عهد الخديوى

إسماعيل «باريس الشرق».

و القصر تحيط به حديقة وله مدخلان رئيسيان ومدخل صغير فرعى،ويعتبر المدخل الشرقى هو أبرز هذه المداخل حيث تتقدمه

فرندة «شرفة» ترتكز على اثنتى عشر عمود، أما المدخل الغربى فتتقدمه أيضاً شرفة ولكنها محمولة على ستة أعمدة

فقط،ويتكون القصر من طابقين يربط بينهما سلم رخامى كبير ذو فرعين.

ويضم العديد من القاعات منها قاعة بالطابق الأرضى يطلق عليها القاعة العربية لأن الزخارف متأثرة بالطراز

الأندلسى،فالجدران تحتوى على زخارف نباتية وهندسية منفذة على الخشب أما السقف فهو عبارة عن براطيم خشبية

يتخللها أيضاً زخارف نباتية وهندسية ملونة ويحيط بالسقف أيزار يشتمل على زخارف كتابية يتخللها آيات قرآنية.

تفاصيل قصر التربية والتعليم

وتوجد بالطابق الأول فوق الأرضى قاعة فخمة بالجهة الشمالية لها ثلاثة أبواب خشبية وعلى جانبيها بابان خشبيان

صغيران،وتوجد بسقف القاعة زخارف نباتية وهندسية مذهبة،ويجرى حالياً ترميم هذه القاعة على نفقة وزارة التربية والتعليم

وتحت إشراف وزارة الآثار.

وعن الأميرة فائقة فتذكر كتب التاريخ أنها الابنة المتبناه للزوجة الثالثة للخديوى إسماعيل «جشم آفت هانم»،التى أسست

أول مدرسة للبنات وهى مدرسة السيوفية ويبدو أن هذه الزوجة حرمت من نعمة الإنجاب، فتبنت الطفلة التى كان لها مكانة

خاصة فى قلب الخديوى،حتى أن «خوشيار هانم» والدته ربتها مع زينب هانم ابنة الخديوى.

وعندما اقترنت بمصطفى باشا بن إسماعيل صديق الشهير المفتش، أمر الخديوى ببناء هذا القصر لها لتقيم فيه، وتصف

المصادر التاريخية الاحتفال بزواج هذه الأميرة بأنه كان مظهراً من مظاهر الأبهة والفخامة،ولأن الأميرة كانت منزلتها كبيرة فى

نفس الخديوي،فقد أصدر أمراً عالياً بصرف راتب إضافى لها قدره عشرة آلاف قرش علاوة على المرتب الذى تتقاضاه شهرياً.

والأميرة طُلقت من مصطفى باشا بسبب الأزمة التى حدثت بين الخديوى إسماعيل،والمفتش الذى كان أخاً فى الرضاعة

للخديوى وكان يشغل منصب وزير المالية فى ذلك الوقتولأن إسماعيل المفتش جمع ثروة طائلة بطرق غير مشروعة كانت

تفوق فى مقدارها ماكان لدى أى أمير مصرى، أمر الخديوى بنفيه إلى دنقلة ولكن هناك روايات تؤكد أنه قُتل قبل وصوله هناك

ولهذا طُلقت الأميرة ويقال إنها تزوجت مرة أخرى من أحد أبناء الأسرة المالكة.

وللأميرة صورة وهى تمتطى جواداً كانت موجودة فى متحف الحضارة بالفسطاط،حيث من المقرر عرضها فى الجزء الخاص

بأسرة محمد على بعد الانتهاء من إعداد المتحف،وجانب صورة الأميرة توجد صورة ل”جشم آفت” أم هذه الأميرة

بالتبنى،وهى ترتدى ملابس فخمة وعلى رأسها التاج وتوجد هذه الصورة حالياً فى مخازن متحف المنيل حيث يجرى ترميمها،

فقد كانت معروضة فى قصر محمد على بشبرا وسرقت عام 2009 مع عدد من صور أسرة محمد على وتعرضت للتلف وعادت

مرة أخرى.