أخبار مصرسلايدرعربي ودولي

د. هانى حسين يكتب: الرقص على أنغام الديمقراطية

يروق للكثيرين من المحلّقين فى أفلاك الفتون الأمريكى أداء بعض الفقرات الراقصة على أنغام الديمقراطية الغربية بين الحين والآخر بلا ملل و لا كلل غير مكترثين بعديد الفظائع والكوارث الإنسانية التى ارتكبت تحت ظلال مزاعم الديمقراطية الغربية ذلك النموذج الذى لا يأتيه الباطل فى يقين هؤلاء المتأمركين.

فقد عميت أبصارهم عما آلت إليه العواقب فى العراق منذ أدرجها جورج بوش كأحد أضلاع محور الشر الثلاثة مع إيران و كوريا الشمالية، ورغم ما أبداه النظام العراقى وقتها بسماحه للجان التفتيش على الترسانة النووية الوهمية و التى روج لها الإعلام الأمريكى و أذنابه بأوروبا حتى صدقها العالم، بيد أن ذلك لم يثنى الأمريكان بإيعاز من عزيزتها المدللة وقرة عينها الأبدية إسرائيل من المضى قدما فى سبيل تدمير العراق وتقويض أركانه وبالطبع إنساق حلافاءها فى أوروبا كالقطيع فى ركاب الدعاية الكاذبة دون فرنسا ليطل علينا الغر التائب تونى بلير “رئيس الوزراء البريطانى الأسبق” منذ عدة سنوات معتذراً ومتعللاً بأن بريطانيا وقعت فريسة لمعلومات استخباراتية مضللة فى غزو العراق بعيدة عن الواقع.

 

ولم يبصر العالم من بعد أن فتش الغرب و قلبوا العراق حجراً حجراً إلا أشلاء القتلى مبعثرة على أطلال و حطام دولة و أمة خلت من كل بأس و قوة إلا المشردين والثكلى واليتامى..فلا نووى وجدوا و لا على كيماوى عثروا و لا يحزنون…

 

وأحالت ديمقراطيتهم التى أرادوا أن يغرسوا نبتها بالعراق لتصبح النموذج فى شرقهم الصهيونى الجديد الدولة العراقية إلى دوله فاشلة منقسمة متشظية نهباً للجماعات الإرهابية والتطرف والتى سبق وزرعوا نبتها بالشرق الأوسط أيضاً، أو كما يقول الدكتور مصطفى محمود فى كتابه “الغد المشتعل” 1995 فى معرض حديثه عن الجماعات الأصولية المتطرفة ” أنها هى الإنسان الآلى الذى صنعه المتآمرون الكبار لهدف واحد واستراتيجية محدده هى قلب النظم الموجودة، و إحداث الفوضى تمهيدا لمرحلة تأتى غايتها هدم الدين ذاته والقضاء عليه”….

وصارت العراق على النحو الذى آلت إليه من تشرذم و تكفير وتفجير.. وهاك مفاتيح بغداد يا طهران فاستلم ..ولم يكن العراق وحده هو الهدف إنما كان هو الأول فى ترتيب الأهداف والتى توالت فى الظهور على مدار سنوات الربيع الأسود فتتساقط الأنظمة تباعاً بتقنيات التدمير الذاتى وبتدبير محكم من أجهزة استخبارات لا يشق لها فى مكائد الشر غبار، وباعتراف ساستهم أنفسهم…صحيح أننا لا نريد لأنفسنا أن تتجه نحو نظرية المؤامرة بالتسليم المطلق لكنها ليست مرفوضة بالكلية كما يحب أن يعتقد ذلك المأخوذون بالديمقراطية الغربية والمتيمون عشقاً بثورات الربيع الأسود كما الحال مع إبراهيم عيسى، فالسياسة هى لعبة مصالح واكتساب منافع، وعلى دقات طبول المصالح المتعارضة تتولد إيقاعات المؤامرة حضرة الكاتب المحترم….

ولى هنا تساؤل إذ كيف يرعى وزير الخزانه الأمريكى المفاوضات الثلاثية حول سد إثيوبيا بواشنطن فى عهد ترامب ثم قبل التوقيع على الاتفاق بسويعات تعدل إثيوبيا عن التوقيع مولية الفرار بإيعاز من وزير الخارجية الأمريكى….أبهذا تكون قد فعلت أمريكا ما يتوجب عليها فعله أمام العالم إذ دعت إلى مفاوضات لكنها فشلت فانفض السامر دون التوقيع الإثيوبى على الإتفاق….

إثيوبيا ليست إلا ذراع لجسد يتوارى خلف كواليس المشهد هو نفس الجسد الذى حركها لإبتداء مشروعها مع بدايات وقوع مصر بين فكى الفوضى المفترسة فى يناير….”فيكتور إستروفسكى” كاتب له بعض المؤلفات لعل أشهرها و أكثرهم إثارة للضجه كتابه”عن طريق الخداع” والتى صدرت أولياته فى العام 1990 وكشف فيه جانباً من أنشطة الموساد القذرة فى البلدان العربية والشرق الأوسط بحكم عمله فيه كضابط فى الموساد لعدة سنوات ثم هرب إلى كندا عام 1986 : “إن الموساد تمول الإرهاب فى مصر وتضع الخطط لتخريب السياحة وزعزعة السلطة و قلب النظام و إغراق البلاد فى الفوضى.. وعلى الرغم من أن الكتاب يعطي انطباعاً بالقدرات المتفوقة لجهاز الموساد ولإسرائيل إلا أنه يسرد بالوقت ذاته الكثير من إخفاقات الموساد….

غاية القول أن إسرائيل ذلك الطفل المدلل و الذى ما ينفك يدير البوصلة الأمريكيه ذات القوة الدافعة الأكبر على كوكبنا ليست ببعيدة عن كل القلاقل التى تعترى منطقتنا فهى من رسخت للانقسام الفلسطينى برعايتها السرية لصلف حماس وهى أيضاً الوحيدة التى سيزعجها التقارب الفلسطينى .. وإن كنت لا أستعذب التسليم المطلق بالمؤامرة من خارجنا ذلك فقط لأن بيننا و منا متآمرون و إنه لمن أمر المر أن نكون عوناً لأعداءنا على أنفسنا…

 حفظ الله مصر وطناً وشعباً وجيشاً