سلايدرفنون

شاهندة محمد علي تكتب: “شيريهان” بين النوستالوجيا والدعاية الاعلانية

تمتلىء الشاشات التيلفزيونية بالعديد من الإعلانات وخاصة فى الموسم الرمضانى الذى تتزاحم فيه السلع وكذلك شبكات الهواتف ، وتختلف الأفكار لعرض هذه السلع ما بين المألوفة وغير المألوفة ، ولكن هذه المرة تقتحم الشاشات أيقونة فنية وهى “شيريهان ” فكرة يختلف فى أستقبالها العديد من الجمهور ، نظراً لأرتباط ما تستدعيه هذه الفكرة من مفهوم ( النوستالوجيا) وهى الحنين إلى الماضى ، خاصة فى مرحلة الطفولة ، فهى قدمت ستة وعشرون فيلماً، وثلاثة عشرسهرة تلفزيونية ، وأربع مسرحيات، بجانب الفوازير الرمضانية ، أم لأن قصتها يمتلائها الغموض السياسي والعاطفى ، أم لانها أيقونية فنية وموهبة حقيقية ؟ ، فالبعض يتقبل فكرة الأعلان والبعض الأخر لا يتقبل ، ولكن الكل يتفق على الفرحة الحقيقية لظهورها بعد كل مرور هذه السنوات .

عندما تتحول الحبكة الدرامية إلى مادة إعلانيه

الخروج من الحيز الأعلانى إلى الدراما

كيفية تحويل موقف درامى يتكون من بداية ووسط ونهاية ، أى كما أشار أرسطوسابقاً بأن تلك هى شروط الحبكة الدرامية ، وذلك فى زمن مدته لا تزيدعن دقيقة ، فهذه رؤية جيدة للمخرج السينمائى ” محمد شاكر خضير ” الذى قدم العديد من المسلسلات ، وفيلماً واحداً فقط ، وربما هى المرة الأولى له فى عالم الأعلانات ، فبدأ إعلانه بلقطة عامة لفتاة من الخلف تنتظر إلى المستقبل ، ثم يرجع صانع العمل فلاش باك لهذه الشخصية التى لم نراها محققاً بذلك شرطى الأثارة والغموض من جهة ، وأيضاً لقصة حياة بطلة العمل التى نعرفها نحن كمشاهدين من جهة أخرى ، وهى شيريهان ، فيعتمد الإعلان على مستويين ، المستوى العميق ، وهو الدراما المجسدة لحياة هذه الفنانة الأستعراضية الشهيرة التى تعود مرة أخرى إلى الشاشة مجسدة مشوارحياتها الفنية السابقة ، بداية من ظهورها كفنانة أستعراضية وهذا ما نراه من خلال خطواتها الرشيقة المتنوعة بين أكثر من لحن الذى يجمع بين لحظات الألم و لحظات التحدى والمستقبل، ومروراً بتعرضها لحادث تسبب فى أجرائها لعدة عمليات، ومن ثم أبعدها عن الفن ، معبراً عنه صانع العمل بحنكة تعبيرية درامية فى مشهدى الحادثة ومشهد إجراء العملية داخل المستشفى ، من خلال دراما تعبيرية راقصة مستخدماً لغة الجسد ، بديلة لعنصر الديكور وهى مدرسة حديثة ؛ حيث الأعتماد على الأجساد بدلاً من الأكسسوار أو النموذج الحقيقى للشىء المستخدم .

ثم تأتى حركة الراقصين مجسدة أحدى لحظات معاناه الشخصية داخل الحادث ، ثم يأتى التعبيرعن المعاناة أيضاً من خلال المواجهة والصراع فى لقطة ذو دلالة درامية مؤثرة وهى لقطة المرأه التى تجمع بين الماضى والحاضر، ثم ينتهى بخروجها من أطارها وهو الماضى ووقوفها بجانب الحاضرفى مواجه المستقبل مرة أخرى ، وتعبيراته عن المخاوف والخطر المحيطان بها بظهورالخيالات مستخدماً الأضاءات التى تعطى الأحياء بالظل التى تحاول مقاومتها ، وينتهى بلقطة الصعود إلى الأعلى التى ترمز للعودة مرة أخرى ، وأيضاً يرمز ديكورالإعلان على العديد من المحطات التى تعرضت لها والتى تم مواجهتها خلال رحلتها الصعبة ، وايضاً على الطريق التى تقوم بأختياره فى اللحظة الأنية ( لحظة عرض الأعلان )، وتوظيف الأضاءة الساطعة التى تلائم ظهورها كنجمة كبيرة ذو خلفية مميزة ومضيئة، فتزداد الأضاءة تزامناً مع القوة والعزيمة ،

وأما عن المستوى الخارجى المباشر للمتلقى العادى فيظهر من خلال توظيف الكلمات التى تدعو إلى الإمل والتحدى بوجة عام ، أو كما هو المعتاد فى جمل الأغانى المعدة للإعلانات ، والتى تشير إلى فكرة ” قوتنا أن مفيش حاجة تقدر توقفنا ، قوتنا فى لمتنا” وهى شعار تلك الحملة الأعلانية المروج لها.

أزدواجية المعنى وصعوبة التفسير

وهنا سيناريوالأعلان يأخذ منحي دلالى أعميق وهو فكرة المقاومة والأصرار والتحدى وخاصة لشخصية حقيقة ، وخاصة أقترانها بعنصر نسائى، فالمقاومة والتحدى لا تقتصر على الرجال فقط ، وأنما تصل للمرأة أيضاً، فهذه الفكرة لن يعتاد عليها فالغرض الأهم دائماً هو الترويج فقط ،ولهذا فكرة الأعلان لن تصل إلى الكثير من المتلقين ، وذلك لأقترانه بتلك المستوى الدلالى العميق ، وأقترابه لتيمة الفيلم الدرامى أقرب من الأعلان ، ولكن تظل الصورة الذهنية لشيريهان ، والكاريزما الخاصة بها تحمل طابع البهجة لإرتباطها بتاريخ طويل فى عالم الأستعراض والتمثيل حتى وأن كان مقترن بحملة دعائية مربحة ، و إما على المستوى الأخراج فقدم المخرج فكرته بذكاء فنى مكثف .