منوعات

عالم أثار يكشف مؤامرة ملكة لقتل زوجها..الإعدام والانتحار والجلد وقطع الأنف للمتأمرين علي حياة الفرعون

>> لعل سبب المؤامرة أن الملكة الثانوية “تي” بالتعاون مع بعض نساء القصر خططت لإغتيال الملك لتضع ولدها “بنتاورت”على عرش مصر بدلاً من ولى العهد الشرعي

 

علاء الدين ظاهر

 

حكمت المحكمة حضوريا علي المتهم بالإعدام شنقا .. هكذا ينادي القاضي في كثير من القضايا ليكون حكما عادلا في بعض الجرائم،وبالعودة للتاريخ سنجد أنه من أروع المصادر الأثرية في مصر بردية تورين القضائية التي تتحدث عن عقوبة الشنق والإعدام في مصر الفرعونية،وهو ما كشفه عالم الأثار الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف مكتبة الإسكندرية في كتابه”أسرار الآثار..توت عنخ آمون والأهرامات والمومياوات”.

 

يقول عبد البصير عن الإعدام في مصر القديمة:كان الملك الفرعون رمسيس الثالث يعيش مع أفراد عائلته والمقربين من حاشيته فى القصر الملكى. وحفلت حياة القصور الملكية بالعديد من الأحداث بسبب الغيرة والطموحات والمؤامرات، ونتج عنها بصراعات كثيرة وكبيرة. وكان أهمها الصراع والتآمر على العرش بين الزوجات الملكيات أمهات أولياء العهود الشرعيين والزوجات الثانويات ومن المعروف أنه كانت لآخر فراعنة مصر العظام الملك رمسيس الثالث زوجة ثانوية باسم “تي”.

 

وقامت هذه الملكة بمؤامرة ضد حياة الفرعون. وكانت هذه من المرات القليلة التي تحدثنا النصوص الفرعونية عن شيء كهذا. وأبنائهن الراغبين في حكم مصر بعد رحيل الملك الأب. ووصل التآمر إلى حياة الملك نفسه،ونعلم عن تلك المؤامرة من المحاكمات التي تمت للمتهمين من بردية تورين القضائية. وتعرف المؤامرة بـ “مؤامرة الحريم”،وشارك فى المؤامرة عدد من حريم القصر الملكى وبعض سقاة البلاط وحرسه وخدمه.

 

ولم يعرف هدف هؤلاء المتآمرين،ولعل السبب الأساس لتلك المؤامرة أن هذه الملكة الثانوية “تي” بالتعاون مع بعض نساء القصر خططت لاغتيال الملك كي تضع ولدها “بنتاورت” على عرش مصر بدلاً من ولى العهد الشرعي، الملك رمسيس الرابع بعد ذلك،وانكشفت المؤامرة، وحُقق فيها بأمر من الفرعون،وحكمت المحكمة على المتهمين بأحكام تتراوح بين الإعدام والانتحار والجلد والسجن وقطع الأنف وصلم الأذن والبراءة، كل وفقًا لدوره وجريمته فى تلك المؤامرة المشينة.

 

وقال عبد البصير:ومن المعروف أن هناك مومياء لرجل غير معروف فى المتحف المصري بميدان التحرير. وتعرف علميًا بـ “مومياء الرجل غير المعروف إي”. ويشيع تعريفها بـ “المومياء الصارخة” أو “مومياء الرجل الصارخ”،وأثبتت الدراسات الحديثة التي قام بإجرائها الدكتور زاهي حواس وفريقه على مومياء الملك رمسيس الثالث والمومياء غير المعروفة فى المتحف المصري فى ميدان التحرير أنه تم قتل الملك بقطع رقبته من الخلف بسكين حاد.

 

وأثبتت نفس الدراسات الحديثة أن “مومياء الرجل غير المعروف إي” أو “المومياء الصارخة” أو “مومياء الرجل الصارخ” كانت لابن الملك بنتاورت، الذي أُجبر على الانتحار وشنق نفسه بيده من خلال علامات الحبل الموجودة على رقبته،وتم عقاب هذا الابن أشد عقاب بعدم تحنيط جثته ودفن جسده فى جلد الغنم الذي كان يعتبر غير طاهر فى مصر القديمة، وبناء على ذلك سيذهب إلى الجحيم في الآخرة،وتؤكد هذه الأحداث صدق الأساليب البلاغية التي تم استخدامها فى نص المؤامرة الأدبي حين أشار إلى أن القارب الملكى قد انقلب، مما يرمز إلى وفاة الملك رمسيس الثالث وصعود روحه إلى السماء،غير أن المؤكد أن المؤامرة قد فشلت بدليل تولى خليفته الطبيعي وولى العهد رمسيس، الملك رمسيس الرابع لاحقًا، عرش البلاد بدلاً من أخيه بنتاورت المتآمر.

 

ويجيء هذا النص الفريد الذي يذكر تلك الواقعة المثيرة ضمن النصوص الفرعونية الرسمية. وهذا يشير إلى تغير كبير حدث فى مفهوم الملكية الفرعونية التي أصبحت هنا تميل إلى تصوير الفرعون فى صورة بشرية إنسانية به ضعف مثله فى ذلك مثل باقي البشر العاديين، ولم يعد ينظر إلى الفرعون على أنه إله يحكم على الأرض نيابة عن آبائه الآلهة.

 

ولا نعرف شيئًا عن مصير الخائنة الملكة تي،وإن كان ذكر التاريخ لقصة هذه الملكة الخائنة ومؤامرتها لقتل زوجها فاضحاً للغاية وكاشفاً لسيرتها غير المشرفة،ولقد ساهمت الغيرة بين نساء القصر الملكى والصراع على العرش فى ذلك،غير أن هذه كانت حالات قليلة فى مصر القديمة التي كانت مثل أي مجتمع قديم أو حديث لها من الصفات الحميدة وغير الحميدة مثل ما عند كل البشر فى كل زمان ومكان، وكان حكم المحكمة على المتهمين بأحكام تتراوح بين الإعدام والانتحار، كل وفقًا لدوره وجريمته فى تلك المؤامرة المشينة، من بين الأحكام والحالات المعروف في هذا الشأن في مصر القديمة.