مقالات

ضياء زبادي يكتب : ” في عشق بركة الحاج “

 

 

دعني أخبرك قليلاً عن صديقي أحمد، الجار والزميل والصاحب،
لربما تجمعني به صلة قرابة أو نسب لا أدري ولكن الذي أعرفه أننا هنا في قريتي الصغيرة
“بركة الحاج ” تجمعنا الأنساب وصلة الرحم من جميع الإتجاهات، حقاً ياصديقي إننا فعلاً محاصرون, فتجد هذا ابن عم ذاك وتلك بنت خالة هذه وجد الأم ابن عمة جد الأب وهكذا .
عائلات مترابطة بطريقة معقدة ومتشابكة كاللغز الممتع يلزم لفكها أو تفكيكها عشرات بل مئات السنين،
سيضيع عمرك وأنت تحاول أن تفكك أو تضعف هذه العقدة التي تشبه عقدة الحبال،
أه ياصديقي لقد نسينا صاحبي، أحمد الذي كنا نتشاجر في صباح يومٍ ما وفي المساء كنت أقف في كتفه في صف العزاء حينما توفي جده، اسبه ونتنازع يوماً واليوم التالي يرافقني في توزيع دعوات فرح أخي،

هكذا نحن هنا في بركة الحاج،
نفرح معاً ونحزن معاً،
هناك شئ أعظم منا يجمعنا بل ويشدنا شداً لنلتف حول العُقده،
عُقدة النسب وصلة الأرحام،
قد تجدنا في بعض الأحيان البأس بيننا شديد لكن حميتنا تشبه قبائل جزيرة العرب فإن هبت علينا رائحة شامت أو خبيث تجدنا صفاً واحداً كما أخبرتك عن صفوف العزاء الكتف في الكتف واليد في اليد،
لقد انتقل أحمد صديقي إلى إحدى المدن الجديدة تاركاً مسقط رأسه ولكنني كنت أتعجب مراراً من حبه الشديد للحضور في جميع المناسبات وحرصه على صلاة الأعياد وعزومات رمضان وجلسات مابعد صلوات الجمعة على المصاطب وفي الأروقة حيث تتعالى الضحكات والدعوات الطيبة، حتى أخبرني عن عدم راحته بعيداً وأنه قرر العودة مرة أخرى للعيش هنا فنحن كالأسماك نتنفس ” بركة الحاج ” وإن خرجنا منها لا نلبث أن نعود سريعاً.