سلايدرعربي ودوليمقالات

د. هانى حسين يكتب لـ” الحدث 24″: ويسألونك.. ماذا قدمت مصر؟

 

و يمضي زورق التاريخ في خضم بحر هائج من الأكاذيب و الزيف و الإدعاءات ليدحض أكاذيب الأفاقين والمدعين و المرجفين و الحاقدين و لعل أبرز ما تتقيحه ألسنتهم بين الفينة و الأخرى عبر وسائل إعلامهم في الجزيرة وغيرها… و ماذا قدمت مصر للقضية الفلسطينية؟ و هو سؤال لا محل له في أي وسيلة إعلامية محترمة اللهم الا جرائد و مجلات النكات القديمه “كالبعكوكة” و هي جريده ساخرة كانت تصدر في مصر قديما…. و دعونا نقدم السؤال  بطريقة آخرى و من قدم غير مصر إن لم تكن مصر قد قدمت للقضية الفلسطينيه؟

وتستمر “جزيرة” الشيطان القطرية في ترهاتها و عبثها مدعيةأن حرب 1948 هي الحرب الوحيدة التي دافعت فيها مصر عن قضية فلسطين وهي ولا شك فرية إخوانيه مفهوم مقاصدها و لنعرج على بعض محطات التاريخ والتى ليست ببعيده……دخلت مصر إلى جانب أشقائها العرب “العراق و الأردن و سوريا و لبنان و السعودية” الحرب لطرد الميليشيات اليهوديه في مايو1948 بعدتكثيف عمليات نقل اليهود من الغرب إلى فلسطين وإعتراضا على صدور قرار تقسيم أرض فلسطين الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى دولتين، دولة عربية و الآخرى يهوديه في نوفمبر 1947( 56% لليهود و 43% للعرب و 1% منطقة القدس تحت الإنتداب الدولي).ولم تكن القيادة السياسية فى مصر آنذاك على وعى بما يجرى على الساحة الدولية وبما يحاك من مؤامرات ودسائس .

وعارض سياسيون بارزون فى مصر كالنقراشى باشا رئيس الوزراء أنذاك تدخل الجيش المصرى فى فلسطين لعدم جاهزية مصر عسكريا وقلة العتاد العسكرى، فعلى سبيل المثال لا الحصر.. لم يكن لدينا سوى 6 طائرات مقاتلة وانتهى الأمر بإلقاء الجيش فى حرب بلا خطة ولا استعداد ولا قيادة أركان مشتركة تقوم بالتنسيق بين الجيوش العربيه… وكان فارق الخبرة بين الجيوش العربيه والإسرائيليه كبيرا، فإمتلك الإسرائيليون سلاحا متقدماوعددا من المقاتلين ناهز ثلاثة أضعاف عدد المقاتلين العرب حتى ظهرت على السطح بعد الحرب قضية الأسلحة الفاسدة التى أثارتها مجلة “روزا اليوسف” عام 1950 إذ لم تكن الأسلحه مطابقة للمواصفات وبأسعار باهظة التكاليف فى صفقات مشبوهه عبر سماسرة سلاح من رجال البلاط و أجانب، فضلا عن الذخيرة الإيطاليه الرديئة والتى كانت من مخلفات الحرب العالميه الثانيه، وزاد الضغط الشعبى ازاء ذلك حتى إضطر وزير الحربيه مصطفى نصرت فى يونيو 1950للتقدم ببلاغ للنائب العام.

وأورد عبد الرحمن باشا عزام أول أمين عام للجامعة العربيه فى مذكراته أن رئيس الوزراء العراقى نورى السعيد “رجل الغرب الأول فى المنطقة آنذاك وهو نسخة قديمه للأمير القطرى تميم بن حمد” قد توانى فى الدور الذى كان منوطا ببلاده إبان الحرب فى فلسطين اذ كان على الجيش العراقى أن يفتح الجبهة الشماليه لتخفيف العبء عن باقى الجبهات سيما وأن تل ابيب وقتئذ كانت على مرمى المدافع العراقيه لكن لم تصدر اية أوامر فى هذا الشأن من القادة العراقيين وذاعت بين الضباط والجنود العراقيين عبارة تداولها الكثيرون للتندر والسخرية مما حدث وهى” ماكو أوامر” .. كما أن الإنسحابات الأردنيه الغير مبررة من مواقعها بأوامر قادتها أدت الى خسارة مواقع كثيره كانت مخصصة طبقا لقرار التقسيم للدولة العربيه وهى “الجليل الأعلى وصحراء النقب” كذلك فإن هذه الإنسحابات الأردنيه كشفت المواقع المصريه تماما فحوصرت كتائبه بالفالوجه فى ظل نقص شديد فى أسلحة الجيش المصرى والذى رفض الإنجليز بالطبع تزويده بالسلاح…كما دللت الإشتباكات بين قوات عربيه حينئذ بالخطأ مثل قيام القوات الأردنيه بقصف كتيبة مصريه بالفالوجه على الفوضى العارمه بين القوات العربيه وغياب التنسيق اضافة الى عدم قدرة فرق المقاومه الفلسطينيه على التصدى لبعض تشكيلات الهاجاناه( الجيش الإسرائيلى) فاستشهد المئات من جنود وضباط الجيش المصرى رغم نجاحهم الكبيربادىء الأمر فى التقدم نحو الشمال غضون مرحلة ماقبل الهدنه الأولى والتى اخترقتها اسرائيل بالطبع.

وقد أورد حسنين هيكل فى كتابه الشهير” العروش والجيوش” رأى الحاج أمين الحسينى أحد زعماء المقاومه الفلسطينيه إبان حرب فلسطين “أن بعض المسئولين من أصحاب القرار بالدول العربية لم يكونوا جادين فى مواجهة المشكله ولم يتصدوا لعلاجها بما تتطلبه من حزم واهتمام بل كانوا هازلين خائرين فيما كان اليهود جادين كل الجد”.  كانت تلك الحرب مفصلية فى تاريخ العرب ومنهم بالقطع مصر واستولت اسرائيل على مايقرب من 78% من فلسطين جراء تلك الحرب وتركت اثارا اقتصادية وسياسية وعسكرية واجتماعية بالغة التعقيد…………  وللحديث بقيه….